Site icon IMLebanon

طاولة الحوار تترنَّح قبل انطلاقتها

إن الملفات التي تعصف بالبلد، يبدو انها باتت أكبر من طاولة الحوار التي دعا اليها الرئيس نبيه بري بعد غد الاربعاء، فإذا كان مجلس الوزراء، وهو السلطة التنفيذية التي تتولى اتخاذ القرارات، قد عجز عن اتخاذها، فكيف ستتخذها طاولة لا صفة لها ولا مفاعيل قانونية؟

***

الطاولة تترنَّح، ولا يُعرف ما إذا كانت ستحقق شيئا في ظل الموافقة الباردة على المشاركة فيها وفي ظل المعارضة العلنية لأكثر من جهة عليها، وفي ظل النقمة الشعبية على تكرار معالجات لا طائل منها.

أقسى اعتراض علني عليها جاء من رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الذي جزم بأن القوات لن تشارك في الحوار باعتبار انه سيكون مثل الذي سبقوه، وبالتالي مضيعة للوقت البلد يغرق بالنفايات، ومنذ شهرين الى الآن لا أحد يحاول إيجاد الحل، لنذهب نحن كي نتناقش في جنس الملائكة من جديد؟ مرتا مرتا تهتمين بحوارات كثيرة والمطلوب واحد في الوقت الحاضر: النزول الى المجلس النيابي وانتخاب رئيس للجمهورية. فالذهاب الى الحوار الآن يحرف الأنظار والإهتمام عن الخطوة الاساسية المفصلية الوحيدة التي ممكن ان تشكل لنا باب فرج وخلاص بالوقت الحاضر والتي هي انتخاب رئيس.

هذا الموقف الاعتراضي القاسي من شأنه أن يشكل النكسة الأولى للحوار قبل انعقاد طاولته، بالاضافة الى نكسة ثانية متوقعة وتتمثل في تحرك إحدى حركات المجتمع المدني، طلعت ريحتكم، بعد غد الاربعاء، بالتزامن مع انعقاد طاولة الحوار، كدليل قوي على ان جيل الشباب يرفض هذا النوع من الحوارات القائم على امتصاص نقمة الشارع وليس على اساس ايجاد المعالجات الذي يبدأ بمكان واحد: انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وردا على انعقاد طاولة الحوار السلطوية.

***

ثم ان هذا الحوار يأتي في ظل حرب ضروس بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر الذي بدا انه لا يوفر وسيلة إلا ويستخدمها من اجل استنهاض مناصريه، احدث هذه المحاولات ما أعلنه وزير الخارجية جبران باسيل من انه يطالب بأن تتوفر الكهرباء للناس أربعا وعشرين ساعة على أربع وعشرين. ما حدا تيار المستقبل الى شن حملة عنيفة عليه تحت عنوان العجيبة الثامنة: باسيل يطالب بالكهرباء، وهو عنوان مقال رئيسي في صحيفة المستقبل.

هذه الحرب هي عينة مما يحصل بين التيارين: فالتيار الوطني الحر يُحمِّل كل الاخطاء في السلطة الى تيار المستقبل، منذ الرئيس الشهيد رفيق الحريري وصولا الى الرئيس سعد الحريري، وهذا ما دفع تيار المستقبل الى الخروج على صمته والرد الصاع صاعين، وكأنه بذلك يُفهم الجميع بأن لا سكون على أي تجنّ.

***

بهذا المعنى ماذا يبقى من طاولة الحوار في ظل هذا المهب من العواصف؟