دلت تحركات الساعات الأخيرة على ان طبخة الحكومة الجديدة غير مهيأة لأن تبصر النور في أيام قليلة، لاسيما ان مساعي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع الرئيس المكلف تشكيلة الحكومة سعد الحريري ظلت أقل من المطلوب لانجاح الجهد المبذول على صعيد الحكومة العتيدة، ما أوحى وكأن الأمور ذاهبة باتجاه المزيد من الوقت، أضف الى ذلك ان العقد التي تقف وراء مطالب التوزير لاتزال على ما هي عليه، الأمر الذي زاد من احتمالات الفشل في ان تبصر الحكومة الجديدة النور قبل الأعياد، خصوصاً ان من يقف وراد التعقيد لايزال يصر على مطالبه بالنسبة الى الحقائب الوزارية التي يتطلع اليها؟!
لقد قيل الكثير عن ان الرئيس عون قد سجل امتعاضه لجهة العقد التي بذلها البعض، وقال في صريح العبارة أنه بات يعتقد ان هناك نيات مبيتة تهدف الى وضع المزيد من العصي في الدواليب، وترى أوساط مطلقة ان الصمت الرئاسي لن يتم طويلاً بمعزل عن الاعتبارات السياسية التي تزيد العقد تعقيداً من جانب من لايزال يعتقد ان بوسعه منع الحكومة من ان تبصر النور لاعتبارات لا مجال لتخطيها، بقدر ما يفهم منها ان الذين يطالبون بالحقائب السيادية الدسمة، لا بد وأن يفهم من تصرفهم ان الاستمرار في معرض التعقيد، يحتاج الى قرار حاسم ونهائي ينهي الاشكالات الحاصلة على الساحة السياسية.
كذلك، هناك من يصر على اعتبار موقفه من الحكومة الجديدة حالاً استفزازية من المستحيل مجاراتهم بها، كي لا يقال ان هؤلاء قد نجحوا في منع تشكيل الحكومة لأسباب تافهة خصوصاً أنه سبق لهؤلاء ان تصرفوا على أساس أنهم في صفوف المعارضة الا يعقل تحولهم الى الموالاة لمجرد الاثمة من وعدهم بهذه الحقيبة الوزارية او تلك، من غير ان يتمتعوا بأهلية سياسية في أدنى مستوياتها.
لقد تكرر الكلام أخيراً على ان الذين وعدوا البعض بحقائب وزارية لن يتراجعوا عن مواقفهم مهما اختلفت الظروف، فيما قالت أوساط مطلعة ان لا صحة للقول ان من وعد كان ولايزال قادراً على الوفاء بتعهداته، لاسيما ان الرئيس المكلف قد كان في صريح العبارة ان لا علاقة له بمن وعد بتوزيع الحقائب الوزارية بالشكل الذي يرضيه من غير ان يكون لرئيس الجمهورية او للرئيس المكلف رأي في ذلك، الى حد اعتبار ما تردد عن التعهدات أنها صدرت عن جهات غير مسؤولة ولا تفهم في الأصول السياسية، أقله كي ترضي من يفهم بأن لا مجال للتعهدات ووعود تصدر عن جهات غير معينة؟!
ان مجالات تأليف الحكومة قد خرجت عن الاطار السياسي المتفق عليه، ما جعل موضوع الحكومة يتخطى الزمن المعقول بالنسبة الي تشكيلها، فضلاً عن ان هناك وعوداً من الصعب الأخذ بها، إلا من نظام الجهة المكلفة تشكيل الحكومة، بحسب جميع من يعرفون أصول التعاطي مع العناصر المرجوة للمجيء بحكومة لا تشكل تحدياً بالنسبة الى أي ظرف لجهة العهد الرئاسي الجديد او لجهة من يشكل الحكومة الجديدة حيث لكل جهة وجهة نظر مغايرة الواقع السياسي المرجو احترامه بمعزل عن الاعتبارات التقليدية؟
وإذا سلمنا جدلاً بأن الرئيس المكلف يرفض ان يبصم على مواقف توزيرية، فإن أحداً لن يعتب عليه، من غير حاجة للقول ان مساعي تشكيل الحكومة قد تفلت من بين يديه، وهذا مرفوض في مطلق الأحوال لاسيما ان الانتخابات النيابية تكاد بدورها ان تطير من مجلس النواب حيث تجدد القول ان قانون الستين هو الذي سيعتمد على رغم الاجماع على رفضه من جانب من يعنيهم الأمر، بدليل القول تكراراً ان مجلس النواب لم يعد مهماً لأن ينتج قانوناً جديداً يرضي السواد الأعظم من اللبنانيين.
المهم من وجهة نظر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري تسريع الخطى لما فيه تجاوز بعض العقد المفتعلة، وكي لا يتكرر هدر المزيد من الوقت حتى ولو اقتضى الأمر تشكيل حكومة أمر واقع لا يدخلها من لايزال يعتبر نفسه موعوداً بمنصب بما في ذلك أولئك الذين زعموا ان بوسعهم اعطاء وعود وتعهدات من غير الممكن الأخذ بها، من دون حاجة الى التوقف عند هذا الرأي او ذاك بقدر الوقوف عند المصلحة العليا؟!