أعطى الوزير أكرم شهيب مثالاً محترماً في العمل العام المسؤول… فهو برهن أولاً عن شجاعة أدبية مرموقة بقبوله مسؤولية تحمل ملف متفجر ومعقد ومتشابك بل وخطر، مثل ملف النفايات. وهو ثانياً، اتبع أسلوباً توفيقياً بين الحلول العلمية والمرونة الواقعية لاستيلاد حلول سريعة لأزمة داهمة. وهو ثالثاً، لم يدّع العصمة من موقع الاستعلاء الفارغ، وطلب العون من كل من يستطيع تقديمه على قاعدة استنفار وطني، لحل ازمة ذات بعد وطني، وتستدعي جهداً جماعياً لخطة انقاذ وطني من مأزق النفايات المتفجر. وهو رابعاً، كان من الذكاء والحكمة والنزاهة والحنكة بحيث إنه اعترف علناً، بأنه لولا الحراك المدني لما كان هذا الجهد المبذول في هذا الاتجاه. وهو خامساً، اثبت مقدرة طيبة على الحوار مع كل الأطراف والجهات المعنية، بهدف ادخال التعديلات الممكنة على مشروع الخطة المقترحة. وهو سادساً وأخيراً، قدم درساً وأمثولة – دون قصد أو تفكير منه – الى وزير البيئة النائم محمد المشنوق الذي ارتدى جلد التماسيح، دون أن يتحرك فيه أي شعور بالخجل من فشله، أو أي شعورر انساني بالرحمة حيال شبان أطهار أعلنوا الصيام، حتى تطهير الحكومة من الوزير الفاشل، وبعضهم قال المتواطئ!
المهمة المطلوبة بصفة الاستعجال المكرر مرة واثنتين وثلاثاً، هي التخلص من النفايات قبل أن تدهمنا الأمطار ويقع المحظور. وليس من المتوقع لأية خطة في مثل هذه الظروف، أن تكون كاملة الأوصاف ومنزهة عن الشوائب والنقائص… ولكن ليس المطلوب أيضاً أن نتسرع الى درجة أن نتخلص من خطر يهدد الجيل الحالي الى خطر الأجيال المقبلة، باختيار مطامر تهدد المياه الجوفية بالتلوث وتسميم البشر والخضر والمزروعات والبيئة. كذلك ليس من البطولة في شيء أن تتحول تجمعات من المواطنين الى مباراة بين المناطق لاثبات أيها أعلى صوتاً وصراخاً في اثبات وطنية رفض استقبال النفايات عن وجه حق أو عن غير حق! ثم ان مسؤولية هيئات الحراك المدني مضاعفة، وبخاصة في هذا الملف الذي لا يحتمل أي نوع من أنواع المزايدة الشعبية أو الوطنية، أو النقاء الاصلاحي…
بدلاً من أن تغرق هيئات الحراك المدني في التدقيق في تفاصيل مخطط التخلص من النفايات بمجهر الكتروني، قد يكون من الأنسب عملياً لها، أن تضع في طليعة مطالبها المتعلقة بالنفايات، محاسبة سوكلين وداعميها ومحاسبتها مستقبلاً عن كل ما نهبته من أموال بغير وجه حق واسترجاعها، بما في ذلك ما قد يتبين من قطبة مخفية لصالحها في المشروع المعروض حالياً… وأياً كان مصير هذا المشروع، فان الوزير أكرم شهيب استحق كل التقدير لما أظهره من كفاءة وحنكة وصلابة معجونة بالمرونة. وهذا دليل على أن المواطنين يقدرون الوزير أو المسؤول الذي يعمل باخلاص، وهو ما فعله وزراء آخرون في هذه الحكومة ومنهم وزير الصحة وائل ابو فاعور…
… وهذا هو الفارق بين وزراء يعملون بمسؤولية وجدية ولا تنقصهم الحماسة والحيوية… ووزير خامل ويتثاءب، ويختبئ في مكتبه في الوزارة! لا نسمي… هل عرفتم من هو؟!