المشهد سوريالي في مجلس الوزراء، وتراجيدي – كوميدي في لبنان، وكارثي في المنطقة، وفودفيلي على قمة العالم. وليس خارج المألوف ان نربط ما علينا فعله في لبنان بانتظار التطورات في صراعات المنطقة التي تنتظر بدورها مواعيد ولقاءات دولية. والكل تقريبا مستنفر في انتظار اللقاء الأول اليوم بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس فلاديمير بوتين على هامش قمة العشرين في هامبورغ الألمانية.
ولا فرق في الانتظار بين من يبني قصورا من الأحلام على تفاهم أميركي – روسي يحقق مصلحته وبين من يتخوّف من كوابيس في تفاهم يلغي دوره ونفوذه. ولا يبدّل في الأمر كون الرئيسين الأميركي والروسي مقيّدين بظروف خارج ارادتهما، والأولويات لديهما محصورة بمسائل محددة، وانه لا وقت للبحث في أمور لبنان وصراعات المنطقة إلاّ باشارات سريعة.
وليس أمرا قليل الدلالات ألا تأخذ وثيقة بعبدا ما تستحقه من نقاش عميق في المجتمع وسط الحاجة الى رؤية وطنية للبنان معاصر. فهي ليست برنامجا جاهزا بل رؤية تحتاج الى برامج لتحقيقها. لكن الحكومة مثل مرتا مشغولة بأمور كثيرة والمطلوب واحد. إذ هي تحاول القيام بمهمة صعبة بدل التركيز على المهام السهلة: أن تكون في وقت واحد حكومة ربط نزاع وحكومة استعادة الثقة، حيث النزاعات عميقة والتفاهمات سطحية.
ذلك ان المبدأ في مجلس الوزراء هو ان كل موضوع خلافي يوضع تحت السجادة، مع القول ان ما نفعله على طريقة مكره لا بطل هو رأس الحكمة. وما يمكن التفاهم عليه يثير في البلد شكوكا في صفقات يصعب وقف الأحاديث عنها من دون تحقيق جدّي، أو يفتح الباب للتساؤل ان كان التمديد للمجلس هو ثمن قانون الانتخاب أم أن القانون هو ثمن التمديد.
وليس هذا أساس الحكم في البلدان الديمقراطية. إذ مهمة السلطة حلّ المشاكل وتسوية الخلافات وتطبيق البرامج المعدّة لمعالجة قضايا الناس، وإلاّ العودة الى الشعب. ولا أحد يجهل العوامل التي منعت ان يصبح هذا أساس الحكم في لبنان، الى حدّ ان جمع المتناقضات في حكومة ربط نزاع صار انجازا. لكن من الوهم الإتكال على معادلة: الخلاف إهمال، والاتفاق محاصصة. فما نختلف عليه ونضعه تحت السجادة باق أمامنا. لا الخلاف على التنسيق مع دمشق أو الاتكال على الأمم المتحدة لتنظيم عودة النازحين السوريين يلغي الواقع الخطير. ولا الخلاف على سلاح حزب الله منع الحزب من الانخراط في حرب سوريا وتكبير دوره الاقليمي المنعكس على لبنان.
وأكبر وهم هو الرهان على نظرية في العلوم السياسية خلاصتها: الأزمة التي لا حلّ لها ليست أزمة.