IMLebanon

الخيار الصعب

حسم الرئيس تمام سلام الجدال الدائر حول تعطيل الحكومة ووجّه الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء يوم الخميس المقبل متجاوزاً تهديد رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون وسقوفه العالية التي وضعها أمام الحكومة إذا لم تنزل عند طلبه وتقرّ التعيينات الأمنية في الجيش والتي تشمل القائد الحالي العماد جان قهوجي على أن يحلّ محله العميد شامل روكز، وبذلك يكون الرئيس سلام تقيّد بالدستور الذي منحه صلاحيات وضع جدول الأعمال ليطلع عليه الوزراء إضافة إلى صلاحيات دعوة مجلس الوزراء إلى الاجتماع.

وعلى الفور جاء الرد من جانب التيار الوطني الحر بأن وزراءه لن يقاطعوا الجلسة بل سيحضرون ويصرّون على أن يكون بند التعيينات الأمنية أول بنود جدول أعمال الجلسة، وإلا لا بحث في أي بند آخر مدرج على هذا الجدول وذلك استناداً إلى التسوية غير الدستورية التي قضت بموافقة جميع وزراء الحكومة على أي قرار ينوي مجلس الوزراء إقراره، فهل ينجح مجلس الوزراء هذه المرة بتخطي وزراء عون وإقرار بنود جدول أعمال مجلس الوزراء متجاوزاً تحفظات وزراء العماد عون ووزراء حزب الله المتضامن معه، مدعوماً من رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس جبهة النضال الوطني ووزراء 14 آذار ووزراء الرئيس ميشال سليمان الذين يشكلون الغالبية الساحقة داخل مجلس الوزراء ويملكون وفق الدستور حق التصويت بأكثرية الثلثين على أي موضوع يطرحه رئيس الحكومة خلال الجلسة، وبذلك يخرج وزراء التيار الوطني الحر ووزراء حزب الله من الموسم من دون حمص كما يقول المثل اللبناني الدارج، في الوقت الذي يعتقدون فيه أن بإمكانهم تعطيل الحكومة في أي وقت يشاؤون استناداً إلى تلك التسوية غير القانونية وغير الدستورية، لكن قرار حضور الجلسة الذي اتخذه وزراء التيار الوطني الحر يدل على أنهم في صدد التراجع عن قرار التعطيل والالتزام بالدستور الذي حدّد صلاحيات رئيس الحكومة وصلاحيات مجلس الوزراء بشكل لا لبس فيه ولا يحتاج إلى التفسيرات التي أعطاها رئيس هذا التيار والتي تؤدي حكماً إذا ما أُخذ بها إلى تعطيل عمل الحكومة وإبقاء البلاد في دائرة الخطر الذي أشار إليه اجتماع الاقتصاديين وذوي الاختصاص الأسبوع المنصرم في البيال ورفعوا الصوت عالياً في وجه رئيس التيار الوطني لعله يتحسس بالخطر الذي يُهدّد الدولة اللبنانية في حال استمر في سياسة تعطيل الحكومة والذي يؤدي حتماً في وقف الانتاجية والدورة الاقتصادية بشكل عام وهو أخطر ما يكون على لبنان.

ليس المهم استمرار الجدال حول مدى الضرر الذي يصيب الدولة جرّاء تعطيل الحكومة، طالما أن الرئيس سلام وضع حداً نهائياً له ودعا إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء يوم الخميس المقبل، مؤيداً من معظم القوى السياسية والكتل النيابية داخل الحكومة وخارجها، ولم يبق أمام رئيس التيار الوطني الحر إلا الرضوخ لمشيئة الأكثرية أو الخروج من الحكومة باستقالة وزرائه منها وله كل الحرية في الاختيار الصعب.