عشر سنين على اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه يوم عيد الحب. وما أكثر ما تغيّر في لبنان والمنطقة بفعل عوامل متعددة. لا في اتجاه الأهداف التي أرادها أصحاب خطة القتل بل في اتجاه آخر. وما أقل ما أوحى هؤلاء ان سياسة الاغتيال تحتاج الى مراجعة. فهم يتصرفون كتلاميذ في مدرسة ستالين الذي كان يحذف منافسيه ورفاقه تحت عنوان: لا رجل لا مشكلة. وهم يرفضون تعلم الدروس، مع ان حذف رفيق الحريري قاد الى مشكلة كبيرة وليس الى لا مشكلة. لا بل ان هناك من يتصور انه يتفوّق على ستالين، بحيث يرفع شعار: لا شعب لا مشكلة.
ذلك ان الحريري الشهيد أقوى حضوراً من الحريري الرئيس. لا فقط كشخص قام بانجازات وأعاد الحياة الى السياسة في لبنان، بحيث كانت معارضته لها قيمة مثل الموالاة له بل أيضاً كتيار سياسي ربح مع حلفائه الأكثرية النيابية مرتين. والذين أسقطوا حكومة الرئيس سعد الحريري ضمن خطة عنوانها إنهاء الحريرية السياسية اكتشفوا أن البديل من قوة الاعتدال المطلوب التخلص منها هو قوى التطرف داخل الطائفة السنية. ففي كل معارك الجيش مع الارهابيين والمتشددين كان الغطاء السياسي والوطني المهم يأتي من رفيق الحريري ثم من سعد الحريري بعده. وفي مواجهة مخاطر داعش والنصرة اليوم، فان الحاجة كبيرة الى موقف تيار المستقبل.
ليس أمراً قليل الدلالات أن يجد حزب الله نفسه في مشاركة مع تيار المستقبل في حكومة الرئيس تمام سلام بعد تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي من دونه، ثم في حوار معه برغم استمرار الخلاف على القضايا الأساسية. ولا أن يعلن الرئيس سعد الحريري الاستعداد للحوار والمشاركة مع حزب الله في حكومة من امام المحكمة الدولية التي تحاكم اعضاء من الحزب بتهمة اغتيال والده، ثم ان يرسل وفد المستقبل الى الحوار.
والواقع ان الاحتقان السني – الشيعي في لبنان والمنطقة وصل الى حدود بالغة الخطورة، ولا بد من اجراءات لتنفيس الاحتقان. ومخاطر داعش والنصرة تحتاج الى المواجهة من محور يضم الجميع، لأن المواجهة المذهبية تزيد في المخاطر. وما يهدد لبنان أكبر حتى من الصراع المذهبي الممتد من افغانستان الى المتوسط مروراً بالخليج. فلا نحن خارج حرب سوريا ولو لم يكن حزب الله مشاركاً فيها. ولا انعكاساتها علينا تقتصر على الحاضر بل تتجاوز الحاضر الى المستقبل حين تتبلور الصورة النهائية لسوريا. وعلى تلك الصورة تكون صورة لبنان.