Site icon IMLebanon

تفكيك المشاكل مع إيران

قطعت المفاوضات النووية بين ايران والدول الست الكبرى أشواطاً مهمة. غير أن الإتفاق الشامل لا يبدو وشيكاً. لا يزال الخلاف عميقاً على قضايا مهمة. لذلك، يتوقع أن تتواصل المحادثات خلال الأشهر المقبلة وأن تتكرر صور المصافحات والإبتسامات بين الطرفين، وخصوصاً بين المسؤولين الأميركيين والإيرانيين، لاقفال هذا الملف تحديداً قبل الشروع في تفكيك المشاكل الكثيرة في الشرق الأوسط.

لم ينته تماماً بعد زمن القطيعة بين الولايات المتحدة وايران على رغم اضمحلال أوصاف كـ”الشيطان الأكبر” و”محور الشر”. لن تعود أيضاً الى سابق عهدها الشاهنشاهي العلاقات بين القوة العظمى عالمياً والقوة الكبرى اقليمياً. ذلك زمن مضى. لم تقصد واشنطن أن تقدم هديتين ثمينتين بلا مقابل الى طهران عندما أطاحت النظام البعثي العراقي في بغداد والنظام الطالباني الأفغاني في كابول. كان الغرب عموماً ولا يزال ينظر الى الجمهورية الاسلامية باعتبارها جزءاً من المشكلة في المنطقة. حاولت إستقطاب الشيعة عبر العراق وسوريا ولبنان، وصولاً الى اليمن ودول أخرى. راهنت على ورقة رابحة دائماً: العداء لإسرائيل. لم ترتعد من التهديدات بتدمير منشآتها النووية. بل عملت على تخفيف وطأة العقوبات الدولية القارصة. هذه العملية متواصلة.

لن يغامر أي طرف بإعلان فشل المفاوضات في حال عدم التوصل الى اتفاق شامل اليوم في جنيف. الإنجازات التي تحققت حتى الآن تستوجب اعطاء فرصة إضافية للكيمياء المشتركة بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والممثلة العليا للإتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية البارونة كاترين آشتون، على رغم انتهاء ولايتها. يمكن الإتفاق الجزئي أن يعلق المزيد من النشاطات النووية الإيرانية المثيرة للشكوك في مقابل الإفراج عن المزيد من الأرصدة الإيرانية المجمدة بموجب نظام العقوبات.

يراهن كثيرون على امكان التوصل الى اتفاق نهائي قبل أن تدخل الولايات المتحدة من جديد حمى السباق الرئاسي الى البيت الأبيض. لم يعد الرئيس الأميركي باراك أوباما مقيداً بـ”ضروراتها” على رغم خسارة حزبه الديموقراطي الإنتخابات النصفية للكونغرس. بل هو أسّس لروحية تقديم التنازلات المشتركة التي يمكن أن تتيح بضعة أشهر إضافية للتوصل الى اتفاق شامل يمكن أن تكون له أبعاد تاريخية.

لذلك صار ممكناً اليوم ما كان يبدو مستحيلاً حتى الأمس القريب. يبقى أن الأساس الأعظم يقوم على التقاء المصالح بين الولايات المتحدة وايران. هذا ما تعنيه أولاً رسالة الرئيس الأميركي الأخيرة – وهي الرابعة على الأرجح – الى المرشد الاعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي. كشفت أن البيت الأبيض بات مستعداً – في حال التوصل أولاً الى تسوية للملف المتعلق بالبرنامج النووي الايراني – لبناء تحالف مع ايران بغية مواجهة “العدو المشترك” المتمثل بـ”الدولة الإسلامية” (داعش) وغيرها من الجماعات التي تعتنق مذهب الإرهاب لدى تنظيم “القاعدة”.