IMLebanon

ملف النزوح “عالق” في مربّع واشنطن – موسكو – أنقرة – دمشق

 

 

لم يعد ملف النزوح السوري في لبنان يحتل مساحة كبيرة نظراً إلى الأزمات الاقتصادية والأمنية والسياسية المتلاحقة.

 

شكّل النزوح العبء الأكبر على لبنان منذ اندلاع الأزمة السورية في العام 2011، ولم تخرج الدولة اللبنانية بموقف موحّد أو ورقة عمل تساعد على العودة التدريجية، ودخل هذا الملف في بازار التجاذب السياسي.

 

وبعد انفجار الأزمة اللبنانية، بات همّ المجتمع الدولي عدم ذهاب البلاد نحو الإنهيار الشامل، وعملت أوروبا جاهدةً في هذا الملف لأن غياب الدولة اللبنانية سيجعل من النزوح السوري قنبلة موقوتة ستنفجر وتصل شظاياها إلى أوروبا.

 

وعلى رغم أن هناك عدم جديّة من الدولة اللبنانية في معالجة أزمة النزوح، إلا أنّ هذا الملف يحتاج إلى رعاية أممية تبدأ بتسوية للحل السياسي في سوريا وتنتهي بتمويل إعادة الإعمار.

 

وفي السياق، فإن واشنطن ومعها أوروبا غير مستعجلتين لإعادة النازحين، حيث تعتبران أن مثل هكذا عمل يحتاج إلى تأمين أرضية واضحة وإنشاء صندوق لتمويل الإعمار، عندها تتم العودة تلقائياً.

 

ولا يوجد أي مبادرة غربية في القريب العاجل، فالأمور مؤجلة إلى حين بروز التسوية، ومن ضمن هذه التسوية فإن مسألة مستقبل النظام السوري مطروحة على بساط البحث.

 

وإذا كانت الصورة سوداوية بالنسبة إلى أوروبا والأميركيين، فإن الروس لا يرون أي بادرة إنفراج في القريب العاجل. وفي المعلومات فإن نائب وزير الخارجية الروسي لشؤون المنظمات الدولية سيرغي فيرشينين والمسؤول عن ملف النازحين يؤكد أن لا شيء جديد وليس هناك أي طرح جدي عن إعادة النازحين، فهم يتكلمون مع الأتراك والأمم المتحدة، ومستاؤون من دور الأمم المتحدة لأنهم يعتبرونه خاضعاً للإملاء الأميركي، وأنه كان بإمكان الأمم المتحدة أن تلعب دوراً أكبر وأهم وخصوصاً عبر مبعوثها غير بيدرسون، وذلك للمساهمة في عودة الجزء الأكبر من النازحين، ولكن هناك محاولات تخويف للنازحين حيث تخبرهم الأمم أنه في حال عودتهم سيخضعون للتجنيد الإجباري وانتقام النظام. من هنا يشدّد فيرشينين على أن الغرب والأمم المتحدة غير جديين بخطة لعودة النازحين.

 

ويحاول الأتراك إقامة مؤتمر للنازحين في أوائل 2022 على شكل المؤتمر الذي نُظّم في دمشق أخيراً، وفشل لأنه كان في دمشق وهناك مقاطعة غربية وعربية للنظام، لكنّ فيرشينين يقول إنه إذا نظّمت تركيا مثل هكذا مؤتمر فسيفشل حتماً، لأنها لن تدعو النظام السوري إليه بينما هو الطرف المعني الأول بهذا الملف.

 

وأمام كل هذه الوقائع، فإن ملف النزوح دخل طي النسيان إلى أمد غير معروف، ولن تحرّكه إعادة التواصل العربي مع النظام السوري، فواشنطن لم تحزم أمرها بعد، وموسكو تنتظر ما سيقرّره الأميركيون في هذا الموضوع وتريد إبرام تسوية شاملة في سوريا والمنطقة، بينما لا تستطيع أنقرة أن تؤثر في هذا الملف، في حين أن دمشق لا ترغب بعودة أكثر من 6 ملايين سني هجّرتهم وساهمت في تغيير الديموغرافيا السورية.