هل تنفع قرارات الدولة وإجراءات الحكومة وألاجهزة العسكرية والامنية في إقناع المؤتمر الوزاري الاوروبي في بروكسيل قبيل نهاية هذا الشهر، بأنّه آن أوان معالجة قضية النازحين معالجة جذرية، أم تبقى المكابرة قائمة في تدفيع لبنان مزيداً من الأعباء والأثمان الاقتصادية والأمنية والبيئية؟
كانت الخطوة اللبنانية الأكثر تشدّداً حيال الإصرار الغربي على إبقاء النازحين ووقف تطبيق القوانين اللبنانية عليهم، وفي مواجهة توجّهات المفوضية العليا لللاجئين، تسفيه كتابها إلى وزير الداخلية الداعي الى وقف الإجراءات بحق النازحين المخالفين، بعد تحذيرها انّه و»في حال عدم التقيّد بما قرّره لبنان والتمادي في تجاوز حدود الاختصاص، ستكون الوزارة مضطرة الى إعادة النظر بتعاملها مع المفوضية، أسوة بما اتخذته دول أخرى من إجراءات في حق المفوضية لدى قيامها بتجاوزات مماثلة»، ما ارغمها على سحب كتابها فوراً، برغم بيان التبرير الفارغ الذي أصدرته والذي أضمر عملياً تمسّكها بما وصفته «الدعوة لزيادة المساعدات المقدَّمة إلى لبنان وتعبئة الموارد اللازمة لتلبية الاحتياجات الملحّة للفئات الأكثر ضعفاً ومنهم اللاجئون»! ولو انّها شدّدت – من باب رفع العتب – على «أهمية قيام المجتمع الدولي بإعطاء الأولوية للحلول الدائمة للاجئين للمساعدة في تخفيف الضغوط في لبنان، بما في ذلك من خلال تهئية ظروف في سوريا أكثر مؤاتية للعودة».
لا شك انّ «تشمير» الدولة عن ساعديها أسهم في إقناع بعض الدول الاوروبية بوجوب نقل النازحين الى المناطق الآمنة في سوريا، ويبقى المنتظر نجاح وزير الخارجية عبد الله بو حبيب في إقناع بقية الدول المتشدّدة بهذا التوجّه وبالخطة اللبنانية لإعادة النازحين طوعياً وترتيب امور غير الراغبين بالعودة لأسباب سياسية او امنية او اقتصادية، عبر ترحيلهم إلى بلد ثالث يكون بلد لجؤ لا بلد عبور مثل لبنان… وإلّا فالبحرمفتوح.
وقد أثارت عدم مشاركة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مؤتمر بروكسيل الثامن بشأن «دعم مستقبل سوريا والمنطقة» الكثير من الأسئلة التي وصلت إلى حدّ الاتهام «بالتواطؤ ضمناً مع الاوروبيين»، لكن مصادر رسمية متابعة للملف أبلغت «الجمهورية» انّ مؤتمر بروكسيل يُعِقَدْ على المستوى الوزاري لا الرئاسي، وقد سبق أن عُقد على هذا المستوى خلال السنتين الماضيتين وشارك فيه الوزير بوحبيب. وانّ مؤتمر بروكسيل قد يكون تقنياً وليس سياسياً، ولا لزوم لمشاركة رئيس الحكومة. وباستطاعة رئيس الوفد اللبناني الوزير بو حبيب، نقل موقف لبنان الحازم والصارم بناءً لورقة لبنانية متكاملة موحّدة، تشرح بدقّة موقف لبنان الرسمي والسياسي من هذا الموضوع.
وحسبما نُقل عن أوساط السرايا ايضاً، «فإنّ عدم مشاركة ميقاتي في مؤتمر بروكسيل، لا تعني أنّه لن يتابع الملف، بل هو على تواصل يومي مع الجهات المعنية في الخارج والداخل». كما أنّه ليس بالمؤتمر السياسي، أو ستصدرعنه قرارات حول موضوع النازحين، لكن من الطبيعي انّ الرئيس ميقاتي سيواكب موضوع النازحين مع الجهات المعنية في الداخل والخارج.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر السرايا الحكومية انّ الرئيس ميقاتي تمنّى على الرئيس القبرصي خلال اتصال هاتفي معه قبل نحو شهر، وقبل زيارة الرئيس الى بيروت، «الضغط على الاتحاد الاوروبي لمساعدة لبنان في ترحيل النازحين السوريين من لبنان».
لكن يبقى السؤال عن سبب عدم لقاء الرئيس ميقاتي خلال قمة البحرين العربية مع نظيره السوري حسين عرنوس، مع انّه أثار ملف النزوح ومطالب لبنان مع الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس خلال لقائهما في المنامة؟ علماً انّ تسريب خبر لقاء رئيسي الحكومتين على هامش القمة جاء من المستشارة الخاصّة للرئيس السوري لونا الشبل، التي تحدثت عن «اتصال تلقّاه رئيس الحكومة السوريّة من رئيس الحكومة اللبنانيّة. وشهد هذا التواصل الهاتفي اتفاقاً على عقد لقاءٍ يجمعه مع الوفد المرافق للرئيس بشار الأسد الى القمّة العربيّة، للبحث في أمور تخصّ شعبَي البلدين»، وفق تعبير الشبل. ولكن ما حصل في الواقع هو لقاء الوزير بو حبيب مع نظيره السوري فيصل المقداد!
وفي الجديد المرتقب مع سوريا، ما اعلنه وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين انّ «هناك زيارة لسوريا لكل الوزراء المعنيين بموضوع عودة النازحين: ففي موضوع خدمة العلم وزير الدفاع، بموضوع مكتومي القيد وزير الداخلية، بموضوع السجناء وزير العدل، وبموضوع ضبط الحدود البرية يجب أن يكون الوزراء الثلاثة مع الأمن الوطني في سوريا ووزيري الدفاع والداخلية لتفكيك الشبكات على طرفي الحدود».
لكن لم يتمّ اتخاذ اي قرار بعد من قِبل الحكومة لتكليف هؤلاء الوزراء، ربما بإنتظار عقد جلسة للحكومة هذا الاسبوع او الذي يليه، لإقرار توصية المجلس النيابي حول ملف النزوح، اذا كان فعلاً ثمة توجه لإيفاد مثل هكذا وفد الى دمشق؟