Site icon IMLebanon

الخلاف بين عون وبري

 

تركت القمة الإقتصادية العربية المزمع انعقادها في بيروت في 19 و20 من الجاري، ارتدادات سلبية على مسار الأوضاع المحلية، وبالتالي، بات واضحاً أنها أدّت إلى انقسامات عامودية على الساحة الداخلية، وسط معلومات عن ترقّب لنوعية الحضور والمشاركة في أعمال هذه القمة، خصوصاً على الصعيدين المصري والسعودي، نظراً لما لذلك من دلالات على صعيد العلاقة لكل من القاهرة والرياض مع لبنان، وحيث هناك برودة وفتور واضحين في علاقة العهد مع السعودية، وكذلك، تعتبر علاقة لبنان مع القاهرة في هذه المرحلة مغايرة عما كانت عليه في مراحل سابقة، وذلك بدلالة اعتذار الرئيس عبد الفتاح السيسي عن المشاركة شخصياً.

 

من هنا، تنعقد القمة على إيقاع خلافات وانقسامات حادة بين المكوّنات السياسية اللبنانية، وبالتالي، تلتئم القمة في بيروت تزامناً مع عودة بعض السفارات العربية إلى دمشق، وإن لم تتّضح الصورة بعد، مما يترك تساؤلات حول نجاحها أو عدمه، وما سيصدر عنها، خصوصاً بعد الإشتباك السياسي، والذي لا زال قائماً حتى اليوم بين عين التينة وميرنا الشالوحي، وصولاً إلى بعبدا، وسط خلافات بين الرئاستين الأولى والثانية، على خلفية تقبّل العهد مشاركة ليبيا، وعدم اتخاذ موقف من هذه المشاركة قبل صدور الموقف الليبي، كما تشير أوساط حركة «أمل»، والتي ترى في ذلك انتهاكاً لسيادة لبنان من قبل ليبيا.

 

إنما ووفق مصادر سياسية، فالخلاف بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي، لا يقتصر على القمة وما واكبها، أو من خلال البيانات الصادرة عن مكتب رئاسة الجمهورية، بل هناك تباين حيال الكثير من الملفات السياسية والإقتصادية والمالية، وصولاً إلى الخلاف الأبرز حول تشكيل الحكومة، ودعوة بري لتعويم حكومة تصريف الأعمال، وبالتالي، الصراع المستمر بين رئيس المجلس ووزير الخارجية جبران باسيل.

 

من هنا، تأتي هذه القمة أمام سلسلة تحوّلات ومتغيّرات قد لا تكون مريحة للبنان في ظل هذا الإنقسام والتباعد والتباينات، في حين أن الخلاف الأبرز، أو المعطى الإقليمي، فذلك قد يكون الأهم في هذه الظروف، حيث يترقّب لبنان الموقف السعودي بالنسبة لعودة العلاقة مع دمشق، ومن ثم كيفية إعادة ربط العلاقة بين الدولة اللبنانية وسوريا في خضم الإنقسام السياسي بين حلفاء دمشق وخصومها، مما سيؤدي إلى مزيد من الخلافات في وقت بات محسوماً كما تشير أكثر من مرجعية سياسية أنه لا حكومة في المدى المنظور لكل هذه المؤشّرات والإعتبارات والخلافات. وبالتالي فإن الثابت هو مواصلة تسيير الأعمال من قبل الوزراء ومواصلة الرئيس المكلّف دوره كرئيس حكومة لتصريف الأعمال، وأيضاً كرئيس مكلّف باقٍ بحكم الدستور، مما يعني أن المرحلة الراهنة هي بمثابة الوقت الضائع على كل المستويات السياسية والإقتصادية، بانتظار ما ستؤدي إليه نتائج قمة بيروت الإقتصادية، وتالياً انتظار ما ستصل إليه العودة العربية إلى سوريا والإتصالات والمشاورات المستمرتين ما بين الدول المعنية بالملف السوري وغيرها من الإستحقاقات الإقليمية والدولية ليبنى على الشيء مقتضاه في الداخل اللبناني، وإلى ذلك الحين، فإن التوقعات تشي بتصعيد سياسي على خلفية العلاقة مع سوريا وغيرها من الملفات الخلافية، ما يعني أن لبنان أمام أجواء غير مستقرّة على كافة المستويات، وبالتالي، فإن الجميع يسعى لتحصين الوضع الأمني خوفاً من أي اختراقات قد تحصل أمام هذه الإستحقاقات والتطوّرات إلى حين جلاء الصورة الإقليمية على إيقاع القلق الذي ينتاب الجميع من حصول أي تطورات سلبية في سياق الصراع في المنطقة وارتداده على الساحة اللبنانية.