بحسب المعلومات التي توفّرت بشأن نتائج جلسة مجلس الوزراء أمس الإثنين، فإنّ التباين في مواقف القوى السياسيّة لا يزال كبيراً، وتقريب وجهات النظر في ما خصّ القانون المُقبل للإنتخابات النيابيّة يَستوجب الكثير من العمل والجهد، لكن في ظلّ إيجابيّة مُهمّة يُعوّل عليها، وتتمثّل في إنتقال البحث في القانون المُنتظر من الإجتماعات الثنائيّة والثلاثيّة والرباعيّة، إلى لجنة مُتخصّصة جرى تشكيلها على طاولة مجلس الوزراء وتتمثّل فيها مجموعة واسعة من القوى السياسية الأساسيّة، مع إستثناءات محدودة. فهل ستنجح الإجتماعات المفتوحة التي تقرّر أن يعقدها مجلس الوزراء بمُوازاة إجتماعات اللجنة الوزراية التي جرى تشكيلها، في كسر حال الدوران في الحلقة المُفرغة؟ وكيف سيتمّ التعامل مع مسألة التمديد للمجلس النيابي الحالي في حال تطلّب التوافق على قانون إنتخابي جديد أسابيع جديدة من التفاوض أو ربّما أكثر؟
مصادر سياسيّة مُطلعة لفتت إلى أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مُتمسّك بمواقفه السابقة الحازمة، لجهة ضرورة التوصّل إلى قانون إنتخابي جديد، ولجهة رفض التمديد من دون التوافق أوّلاً على قانون جديد، أو أقلّه على الخطوط العريضة لهذا القانون. وأضافت بأنّ الرئيس سيُحاول تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيّين المعنيّين، لكنّه لا يَنوي إتخاذ أيّ مَوقف مُنحاز بشكل حازم إلى هذا القانون أو ذاك، ولن يضغط لإقرار مبدأ التصويت النسبي الكامل، أو سواه من الإقتراحات، تاركاً للمُناقشات أن تأخذ مداها على طاولة الحُكومة واللجنة الوزاريّة. وفي ما خصّ خيار التصويت على مشاريع القوانين المطروحة، والذي يُلاقي إعتراضات واسعة من قبل العديد من الجهات السياسيّة، بحجّة ضرورة أن يكون أي قانون مُقبل ناجمًا من توافق سيـاسي عريض وليس من تصويت فيه غالب ومغلوب، وأكثرية وأقليّة، رأت المصادر السياسيّة عينها أنّ هذا الخيار سيبقى قائـمًا كورقة ضغـط بيد الرئيـس لكن على أّلا تُستعمل في المرحلة الراهنة، حيث أنّ طرح مشاريع القوانين المطروحة على التصويت سيُمثّل «الرصاصة الأخيرة» التي سيُطلقها رئيس الجمهوريّـة في مرحلة لاحقة، وذلك في حال إنسداد أفق كل المُحاولات التوافقيّة الأخرى.
وعن المُداولات التي حصلت خلال جلسة الأمس، أكّدت المصادر السياسيّة أنّ الطروحات التي عُرضت أظهرت أنّ التباين كبير جداً، بين من لا يزال يتمسّك بقانون مُختلط، ومن يُصرّ على النسبيّة الكاملة، إضافة إلى تفاوت كبير في الإقتراحات الخاصة بتقسيم الدوائر الإنتخابيّة. وتابعت المصادر نفسها أنّ التباين كبير أيضاً بشأن من لا يزال يُطالب بأن لا تطغى أصوات الأغلبيّة العددية لبعض الطوائف والمذاهب على أصوات الأقليّة لطوائف ومذاهب أخرى، في مُقابل من يرفض كلياً مبدأ تصويت كل طائفة لنوّابها، أكان بشكل جزئي أو كلّي، وحتى لوّ كان مُرتبطًا حصرُا بما يُعرف بإسم «الصوت التفضيلي» في أي قانون نسبي مُحتمل.
ولفتت المصادر السياسيّة المُطلعة نفسها إلى أنّ بعض الجهات رأى في تكليف لجنة وزارية بحث القانون الجديد للإنتخابات النيابية خطوة إيجابيّة، بعيداً عن نظريّة «اللجان مَقبرة القوانين»، إنطلاقاً من قرار من أعلى السُلطة السياسيّة بضرورة العمل على مدار الساعة للخروج بقانون جديد. لكنّ هذه المصادر لفتت إلى أنّه في مُقابل إمكان أن يستغرق البحث في القانون الجديد أسابيع عدّة، فإنّ مسألة التمديد للمجلس النيابي لا يُمكن أن تُترك حتى الأياّم الأخيرة من «حياة» المجلس الحالي. وأشارت إلى وجود توجّه لدى رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، مدعوماً من قبل أكثر من فريق سياسي، بعدم ترك مسألة التمديد للمجلس وبغضّ النظر عن التسمية، أكان تحت عنوان الضرورة أو الأسباب التقنيّة أو بحجة مُواكبة تأجيل موعد الإنتخابات، إلخ. حتى المهلة الأخيرة. وأضافت أنّ السبب هو توقّع أن لا يقوم رئيس الجمهوريّة بالتوقيع على قرار التمديد عند إحالته إليه من دون إرفاقه بالمُوافقة على قانون جديد، ما يَستوجب إنقضاء مهلة إعتراضه ليعود القانون مُجدّداً إلى المجلس. ورأت المصادر نفسها أنّ هذا التباين في النظرة بين كبار المسؤولين بشأن التوقيت الأمثل للتمديد للمجلس، سيُشكّل خلافاً جديداً يُضاف إلى مشكلة التعثّر في التوافق على قانون إنتخابي جديد.
وتوقّعت المصادر السياسيّة نفسها أنّ يقترح أحد النوّاب على الأقـلّ، في الأيام القليلة المُقبـلة، قـانونـاً للتمديد، على أن يلي ذلك قيام رئيس مجلس النواب وهيئة المكتب بوضع الإقتراح على جدول الأعمال، ثم بدعوة المجلس إلى التصويت عليه، لافتة إلى أنّ القـانون المذكور لا يُمكن أن يُصبح نـافذاً إلا بعد تصـويت أكثريّة نسبيّة من النـواب لصالـحه. وأضـافـت أنّ هذا التـسرّع في التمديد للمجلس الحالي مرفوض من قبل رئيس الجمهوريّة، لكنّه مُحبّذ من قبل رئيس مجلس النواب، وذلك إستباقاً لإنتهاء جلسات العقد العادي الحالي في آخر شهر أيّار المقبل، حيث يحتسب الراغبون بالتمديد ضرورة حُصول عمليّة التمديد وإحالة القانون إلى الرئـيس، ثم إنتـظار عودتـه إلى المجلس مُجدًداً في حال رفض الرئيس التوقيع عليه، قبل نهاية أيّار المُقبـل، تجنّباً للدخـول في متاهات قانونيّة ودستوريّة غير مرغوب فيها.
وخـلصت المصـادر السيـاسيّـة عينـها إلى أنّ الأيّـام المُقبلة ستشهد إنطلاقة إيجابية وبزخم نشيط لمسألة البحث في قانون إنتخابي جديد، لكنّها ستترافق مع إنتكاسة مُرتقبة على مُستوى مسألة التمديد للمجلس الحالي!