Site icon IMLebanon

الخلاف على القانون صراع على الاكثرية النيابية!

في كل انتخابات نيابية، يحاول كل حزب وتيار سياسي، ان يحصل على كتلة نيابية ذات حجم كبير، لان لها تأثير في تسمية رئيس الحكومة عبر الاستشارات النيابية الملزمة، وفي الدخول الى الحكومة بحقائب وزارية سيادية او خدماتية.

ويشكل قانون الانتخاب، الاساس في تكوين السلطة الاشتراعية اولاً، ثم السلطة التنفيذية، كما في انتخابات رئاسة الجمهورية عندما يحين موعد استحقاقاتها، وكان هذا القانون موضع خلاف منذ الاستقلال في العام 1943 وحتى اليوم، وفق مرجع نيابي واكب هذه المراحل التي كانت قوانين الانتخاب ما قبل الطائف تطبخ لصالح رئيس الجمهورية الذي كان يأتي بالعدد الاكبر من النواب، وكان تأثيره قوياً، في تسمية رئيس الحكومة وتعيين الوزراء، كما انه كان يتطلع الى التجديد لولايته.

لذلك كان قانون الانتخاب من ابرز البنود الاصلاحية التي جرى اقرارها في اتفاق الطائف، الذي اكد انه بعد اول انتخابات نيابية تجرى، يُسن قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، على ان يتبعه تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية، وانشاء مجلس شيوخ تتمثل فيه المكونات الطائفية، الا ان ورشة اصلاح النظام السياسي الذي تكمن علته في الطائفية، لم تنطلق، لا بل لم يقبل اي من السياسيين ان يعمل في هذه الورشة، يقول المرجع،  كما ان الراعي السوري لتنفيذ اتفاق الطائف، لم يساعد بتنفيذ بنود اتفاق الطائف، لا بل جرى الانقلاب عليه بزيادة عدد النواب من 108  الى 128، وتم توزيع المقاعد وفق مصالح سياسية فئوية، ساهم فيها النظام السوري الذي حاول تعقيد الاصلاح، بان ربط انسحابه من لبنان بالغاء الطائفية السياسية، التي تقدم نواب باقتراح قانون لتشكيل هيئتها، لكن مصيره كان الاهمال، وفق ما يؤكد النائب مروان فارس صاحب الاقتراح، والذي راجع  فيه مراراً رئيس مجلس النواب نبيه بري، لكنه لم يلق جواباً، حيث يشير المرجع الى قانون الانتخاب الذي ومنذ العام 1992 كان في كل دورة انتخابية، يفصّل على قياس هذا الزعيم السياسي والطائفي وذاك، مما اوصل لبنان الى مأزق انتاج قانون جديد، لا بل حصل تراجع عن اتفاق الطائف، من خلال قانون اعتمد في اتفاق الدوحة عام 2008 وجرت على اساسه انتخابات 2009، وهو يقوم على النظام الاكثري، وتوزيع الدوائر على 26 قضاء، وفق قانون 1960 ، مع تعديل ادخل على الدائرة الاولى في بيروت.

فتطبيق اتفاق الطائف هو ما يجب ان يحصل يضيف المرجع، وقد تأخر زمن الاصلاح اكثر من ربع قرن، وبدأ لبنان يغرق بخطاب طائفي ومذهبي وتتصاعد لهجته، فمن حقوق للمسيحيين وتقديم اقتراح قانون وفق مشروع «اللقاء الارثوذكسي» يقوم على ان ينتخب كل مذهب نوابه، الى ما صدر عن النائب وليد جنبلاط عن محاولة لتهميش الطائفة الدرزية من خلال قانون انتخاب يعتمد النسبية، ثم الكلام الذي صدر عن نواب في «اللقاء الديموقراطي»، يتحدثون عن ان ستة من النواب الدروز، لا ينتخبهم الدروز، بل طوائف اخرى، وهي لغة المسيحيين الطائفيين ايضا، حيث تغلب الديموغرافيا الجغرافيا، وهو الحديث الذي لا يجري التداول به عند الطائفتين السنية والشيعية.

فعدم الوصول الى قانون انتخاب خارج القيد الطائفي قبل نحو اكثر من عشرين عاما، اوقع اللبنانيين في هذا المستنقع الطائفي، واعاد اللغة الطائفية الى السياسة، وهو ما يعيد التذكير بمرحلة ما قبل الحرب الاهلية، عندما ظهر «الحلف الثلاثي الماروني»، وبدأ الحديث عن الخوف المسيحي من الاكثرية المسلمة التي طالبت المشاركة في الحكم فعليا بتعديل الدستور، وتحرير رئيس الحكومة من هيمنة رئيس الجمهورية الذي يعينه باستشارات شكلية، ويكبله في الوقت السياسي المناسب، وقد رفع السُنة شعار المشاركة، في وقت كان الشيعة يتحدث زعماؤهم عن  انهم طائفة من «المحرومين»، في حين كان كمال جنبلاط الذي اتسع حضوره السياسي والشعبي عبر تحالفاته الوطنية، يطالب بالغاء الطائفية السياسية، وان لا تبقى رئاسة الجمهورية مع الموارنة عُرفاً، والذي كان يطمح اليها.

انه زمن الطائفية، وانتعاش زعمائها، الذين يحضرون طبخة الفتنة.