لم يفاجأ أحد من السياسيين اللبنانيين بإعلان رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع تبني ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية ذلك لأن هذا الترشيح كان مطروحاً منذ أكثر من ثلاثة أسابيع بين رئيس القوات ورئيس تيّار المستقبل سعد الحريري وبين قيادات قوى الرابع عشر من آذار التي تبلغت رسمياً هذا القرار في الاجتماع الموسع الذي عقدته منتصف الأسبوع المنصرم في بيت الوسط، وكان مخصصاً فقط للبحث في موضوع الاستحقاق الرئاسي وتداعيات ترشيح رئيس تيّار المستقبل للنائب سليمان فرنجية على وحدة هذه القوى وكيفية تدارك هذا الأمر والحفاظ على وحدتها وأن تكون الانتخابات الرئاسية محطة عابرة، وليست محطة لإنهاء ثورة الأرز التي وحدت قوى الرابع عشر من آذار حولها.
وفي هذا الاجتماع أبلغ نائب رئيس حزب القوات النائب جورج عدوان المجتمعين في بيت الوسط قرار القوات بتبني ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية استناداً إلى ورقة إعلان النيات بين القوات والتيار الوطني الحر والتي تنص صراحة وبكل وضوح على تبنيها لمبادئ ثورة الأرز بدءاً من اتفاق الطائف بكل نصوصه انتهاءً ببسط الدولة سيادتها على كل الأراضي اللبنانية إلى ضبط الحدود مع سوريا وتعزيز الجيش وتقويته إلى تحييد لبنان عن النزاعات العربية، وكان هناك تفهم لما عرضه النائب عدوان من الأسباب التي حملت القوات إلى تبني ترشيح عون بدلاً من ترشيح نائب زغرتا الذي لم يلتزم إلا بإتفاق الطائف، وانتهى اجتماع قوى الرابع عشر من آذار عند هذه الحدود ومن دون أن يُبدي فريق تيّار المستقبل أي اعتراض على قرار القوات بترشح عون ومن دون أن يُبدي أي استعداد لمراجعة حساباته بالنسبة إلى تبنيه ترشيح نائب زغرتا.
بيد أن أكثر من سؤال يفرض نفسه بعد تبني القوات ترشيح عون أوله عن جدوى هذا التبني مادام وصوله إلى كرسي الرئاسة الأولى ليس مرشوشاً بالورود في ضوء استمرار تيّار المستقبل وفريق كبير من مسيحيي 14 آذار وحزب الكتائب في رفض هذا الترشيح أو التحفظ عليه، وما جدوى هذا التبني في ضوء عدم حصول القوات على ضمانات من حزب الله بالتمسك بترشيح عون بعد بروز حليفه زعيم حزب المردة مرشحاً من أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب وهي كتلة المستقبل ومن رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط، ومن عدد من النواب المسيحيين إضافة إلى كتلة الرئيس نبيه برّي الذي لا ينفك يبدي تعاطفه مع نائب زغرتا ويعلن في السر استعداده للتصويت له في حال اكتمل نصاب جلسة انتخاب الرئيس، بل ما جدوى هذا الترشيح في ضوء ستاتيكو السياسي الداخلي المتحكم باللعبة الرئاسية ومواقف سائر الأطراف من هذا الترشيح الذي لم يتأمن له أيضاً القطاع الإقليمي ولا الدولي المطلوب، إلا إذا كان هناك اتفاق ضمني بين القوات والمستقبل على توزيع الأدوار في لعبة الانتخابات الرئاسية بحيث ينتهي الأمر في نهاية المطاف إلى سقوط الأربعة الأقوياء في الطائفة المسيحية ويفتح الباب أمام مفاوضات جدية لاختيار رئيس وسطي ترضى به كل الأطراف إضافة إلى احتمال أن يكون الهدف هو امتحان حزب الله، لمعرفة مدى استعداده لإملاء الشغور في رئاسة الجمهورية أم اصراره على أن تبقى البلاد بلا رئيس إلى ان تتوضح معالم المعركة الدائرة والتي هو شريك فيها.