يعتبر «علم السياسة» أنّ القانون يعلو ولا يُعلى عليه، والسيادة القانونية تُعرّف أيضاً «لا يوجد أحد بما في ذلك رئاسة الجمهورية – مجلس النواب – الحكومة – رؤساء الأحزاب – رؤساء الطوائف فوق القانون والقانون فوق الجميع بما معناه أنّ القانون ينطبق على الجميع ومن دون إستثناء. le Principe de légalité يعني مبدأ الشرعية المنبثقة من الشعب الذي هو صاحب السيادة ومصدر السلطات والتي يُمارسها عبر المؤسسات الدستورية . إنّ سيادة القانون مبدأ قانوني يقضي بأن يحكم القانون دولة ما وليس القرارات التعسفيّة التي تتخذها مجموعة ما وغالباً ما تكون ممارستها على كافة المستويات مخالفة للنظام الديمقراطي.
إنّ التجربة الحالية للجمهورية المفكّكة غنيّة في هذا السياق، حيث أنّ كافة الأحداث التي عاشتها هذه الجمهورية منذ تكوينها مكتوبة بحروف العمالة والإطراء وإهمال القوانين والتخلّي التّام عن السيادة الوطنيّة، وهذا ما جعل الشعب اللبناني يعيش قضاياه على أرصفة العمالة البخسة الثمن، ودفع ثمنها باهظاً. والمؤسف أنّ الشعب اللبناني لم يستخلص لغاية تاريخه النتائج من هذه التجارب المريرة… فالسيادة منتقصة والجمهورية منهارة والحياة السياسية – الأمنية – الاقتصادية – الإجتماعية في أسوأ أحوالها. والبديل جمهورية مفكّكة منهارة محتّلة إداراتها فارغة وحُكامها خُرْس.
إنّ الواقع العام ميأوس منه ولا يزال يُتابع مسيرته الإنحدارية وسط كثرة الأزمات والصعاب والإحتلالات وتزوير إرادة الشعب ورموز الدولة متخاصمين ولا يُدركون معنى «الوطنيّة» والإخلاص للدستور ولا يُعيرون أي أهمية للتعلُّق بالحرية والديمقراطية والعدالة، لا بل يُجيّرون القرارات لصالح الغريب ويستبيحون الكرامات ويعلنون الولاءات للخارج ويهملون الولاء للوطن.
في الدول المتحضّرة، الشعوب الحرّة الحيّة هي التي تصنع قدرها بالرغم من المعوقات القاسية التي تواجهها وتنتهي حكماً بفرض إرادتها الحرّة الصادقة لأنها والحق أكثرية. الجمهورية اليوم وعفواً على التوصيف هي «جمهورية الإرهاب» و«جمهورية الدمار» و«جمهورية القتال والتباعد» و«جمهورية الإنشقاق» و«جمهورية التدخل في شؤون الغير» و«جمهورية إقامة مجتمع متناحــر»، إنها جمهورية مخالفة لأبسط القواعد الدستورية القائمة والمعتمدة في كل الدول التي تحترم نفسها ومكانتها وشعبها.
إنّ البحث في تطبيق مصلحة الشعب باتت مُلِّحة والأمر يقتضي دراسة الأوضاع العامة في البلاد من كل جوانبها والتي رافقت إنهيار الجمهورية اللبنانية والتي هي نقيض الحياة الديمقراطية السليمة ونقيض نشوء نظام سياسي معاصر يعتمد على قواعد العلوم السياسية.
إنّ الأمر يستدعي بإلحاح توصيف هذا النظام القائم من خلال عرض ما يحصل منذ الإستقلال ولغاية تاريخه ، أي تحليل البُنية السياسية والأمنية والإجتماعية والاقتصادية لهذا النظام، وفي هذه الحالة نرى أنّ النظام اللبناني بتركيبته الحالية نظام مُشوّة تشوبه العيوب وبالتالي يستدعي الأمر إعادة النظر بكل هذه التركيبة السياسية التي أوصلت هذا النظام إلى ما هو عليه.
للخروج من حالة الجمهورية المُفكّكة نستطيع كباحثين وناشطين في الشأن العام وإنطلاقاً من كوني عضواً في «المركز الدولي للأبحاث السياسية والاقتصادية» international Political Economic affairs center PEAC «تقويم الأمور الحالية بطرق علميّة دستورية قانونية وأن نتصدّى مباشرة وبصورة حصرية وضيقة للآثار والمفاعيل التي نجمت عن هذه الممارسة السياسية الفاقدة للشرعية الدستورية، وإمّا أن نعتمد منطلقًا آخر يضع ما بعد حالة الإنهيار في إطاره اللبناني والعربي والدولي.
إنّ النهج الإنفتاحي الديمقراطي يبدو لنا كمركز أبحاث أسلم في نطاق معالجة تقويمية لأنه يحيط بجملة ظروف طرأت منذ بداية الحرب في فلسطين مؤخراً، ومنذ هذا التاريخ المؤلم شهدت الجغرافية اللبنانية تطورات جسيمة لا بد من ذكرها لأنها تحمل صورة تتناقض ونظام الجمهورية اللبنانية الديمقراطي والحيادي في أفقها الشامل والتي يمكن إستخلاص منها النتائج.
إنّ الأهمية الأساسية للخروج من مأزق الجمهورية المفكّكة تكمن في لحظتها السياسية بما ستوّفره من تسوية وحيدة مرتقبة ومتاحة وسط الظرف الداخلي – العربي – الدولي للخروج من نفق الإرتهان المُظلم وليس البقاء في ظل «جمهورية مُفكّكة».