Site icon IMLebanon

عن مخططات تقسيم المنطقة

نكاد لا نجد اثنين من محلّلي السياسات اللبنانيّة والعربيّة والإقليميّة يختلفان على «تقسيم المنطقة»، فأحداث المنطقة وحروبها كلّها تؤدّي إلى هذا العنوان، ولكن المفارقة أنّ التقسيم الذي يجري الحديث عنه أخذ شكله الحقيقي في «العراق» كما ورد في «مخططات» جرى ترويجها كخرائط تمّ وضعها وجاري تنفيذها على قدم وساق، وكنّا تناولنا في هذا الهامش مخطط «حدود الدم»، وهو عبارة عن مقال للباحث الاسكتلندي توماس براون المهتم بشؤون الشرق الأوسط، نشرته صحيفة «جلاسكو هيرالد» الاسكتلندية تحدّث فيه عن إعداد وكالة الاستخبارات الأميركية الــ CIA ووزارة الدفاع البنتاغون أعدتا خطة بعيدة المدى بهدف حصار مصر ثم التهامها عسكرياً، وتوسعت الخارطة لتشمل المنطقة، «حدود الدم» هي المؤامرة الأحدث على المنطقة فهي تعود إلى العقد الأخير من القرن العشرين.

في هذا الهامش سنتناول، مشروعاً أخطر لتفتيت «الدول العربيّة والإسلاميّة» ويعود إلى عهد جيمي كارتر رئيس الولايات المتحدّة الأميركية في الفترة الممتدة من 1977- 1981 والتي شهدت الحدث الذي هزّ الشرق الأوسط والعرب جميعاً مع توقيع مصر اتفاقيّة «كامب ديفيد»، وأغلب الظنّ عندي أنّ يتعاطى معه اليوم كثير من المحللين والباحثين والغيورين على العرب والمسلمين خلصوا إلى توليف «مخطّط صهيوني ـ أميركي» وضع خطته الباحث والكاتب الصحافي البريطاني (اليهودي) برنارد لويس.

في مقابلة أجرتها وكالة إعلام مع»برنارد لويس» مستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط في عهدي بوش الأب والابن، ونشرته مجلة وزارة الدفاع الأميركية في 20 أيار 2005، قال لويس ما حرفيّته «إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضرهم، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات، وتقوِّض المجتمعات، والحلَّ السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية»، وبأسف شديد أقول؛ ما يجري في ليبيا ومصر وتونس وفي الرقّة والموصل وبروكسل وباريس يتطابق حرفياً  في وجه من وجوهه مع ما قاله برنارد لويس!!

ولا يُفهم لِمَ استدعت «عاصفة الحزم» السعوديّة التي قطعت يد إيران في المنطقة وسدّت طريق مشروعها، أن يستعيد هؤلاء الباحثون مقولة لـ»زبينغيو بريجنسكي» مستشار الأمن القومي الأميركي في العام 1980 في عزّ اشتعال الحرب العراقية ـ الإيرانية: «المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة من الآن (1980)، هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران، تستطيع أميركا من خلالها تصحيح حدود سايكس ـ بيكو».

لن ندخل اليوم في تقسيم العالم الإسلامي المتهم بالتخطيط له برنارد لويس ابن التسعين عاماً اليوم، ولكن سنحيل القارىء على «تثبيت» هذه المخطّط بالترويج أنّ الكونغرس الأميركي وافق بالإجماع وفي جلسة سرية عام 1983 علي مشروع برنارد لويس، وتمَّ تقنين المشروع واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأميركية الإستراتيجية المستقبلية» والعرب مغرمون بالملفات السرية والمخططات السريّة والقرارات السريّة!!

ونكتفي بهذا التمهيد اليوم، أما تفاصيل مشروع برنارد لويس وخطّته التي وافق عليها الكونغرس الأميركي، فنترك خارطتها لهامش الغد.