IMLebanon

المجلس الدرزي يَرصّ صفوفه.. ويبايع سياسة جنبلاط

 

«التأكيد على دور المجلس المذهبي وتفعيل عمله». هذا ما خلُص إليه اجتماع الهيئة العامة لطائفة الموحدين الدروز، الذي احتضنته دار الطائفة الدرزية بعد ظهر أمس في فردان، والذي انقسمت الآراء حول تصنيفه بـ«دوري» أو «استثنائي». إلّا انّ الاجواء لم توحِ بأنّه روتيني، بدءاً من دعوة الاعلاميين، مروراً بالتدابير الامنية المُتخذة، وصولاً إلى حرص المعنيين على المشاركة، مع الاشارة إلى انّه لم يمضِ شهرٌ على الاجتماع الاخير للهيئة. في هذا الإطار، يلفت مصدر خاص لـ«الجمهورية»: «انّ القضايا السياسية غابت عن الاجتماع، وشيخ عقل الطائفة سبق وعبّر عن امتعاضه من التأخير في تشكيل الحكومة ومن الاوضاع الراهنة أمام الإعلاميين منذ يومين، فلن يكرّر نفسه».

 

خميس إستثنائي عاشته أمس دار الطائفة الدرزية، إذ خرجت عن هدوئها المعتاد بعدما غصّت بالصحافيين والمصورين، الذين حضروا لمواكبة إجتماع الهيئة العامة لطائفة الموحدين الدروز، وتهافتوا لزرع «الميكروفونات» على المنصّة المخصصة للتصريح، والتي زُرعت في بهو الدار على بعد أمتار من القاعة المخصّصة للإجتماع.

 

في التفاصيل

 

قرابة الثالثة وخمس دقائق إكتمل النصاب، وافتتح شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن الاجتماع، الذي تقدّمه رئيس حزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ونجله النائب تيمور، ومشاركة النواب الدروز الحاليين والسابقين، والوزراء الدروز الحاليين فقط، وقضاة المذهب، الأعضاء الدائمين، والأعضاء المنتخبين الذين يمثلون كافة شرائح المجتمع، بالاضافة إلى ممثلين عن هيئات دينية في المناطق، الاطباء، المهندسين، وكل قطاعات المهن الحرّة.

 

أما أبرز الغائبين فكان رئيس «الحزب الديمقراطي» النائب طلال إرسلان الذي يُقاطع المجلس المذهبي، بالاضافة إلى بعض النواب السابقين.

 

وأكّد الشيخ حسن في كلمته على دور المجلس وضرورة تفعيل عمله، وشكر الحاضرين لمشاركتهم ودعمهم، وعلى رأسهم جنبلاط، وأثنى على اعضاء الهيئة العامة وطلب المزيد من العمل والانتاج في المهمات.

 

بعدها، كانت كلمة لوليد جنبلاط، تمنّى فيها على المجلس أن يكثّف عمله، وأنّ الرد على أي تشكيك في المجلس يكون من خلال الانتاجية والعمل، وتكثيف الاجتماعات وتخصيصها وفق القضايا المطروحة، اجتماعية، ثقافية، اغترابية…

 

في هذا السياق، يوضح المصدر نفسه لـ«الجمهورية»: «انّ هدف الاجتماع تفعيل عمل المجلس ودوره، والتأكيد على انّ الرد على أي سهام قد يتعرّض لها يكون من خلال تكثيف العمل بروح من الجدية، وعبر حضور الجلسات، لأنّه غالباً، لا يشارك الجميع في الاجتماعات، فيما بالامس كان الحضور شبه مكتمل»، مع التشديد «على ضرورة الابتعاد عن أي مواجهة أو صدام مع أحد، والدخول في مواجهات لا طائل منها».

 

اما عن دعوة وسائل الإعلام إلى تغطية الاجتماع، على غير عادة، فيجيب المصدر: «لا بدّ للإعلام أن ينقل، وللرأي العام أن يعرف انّ هذا المجلس شرعي وقانوني، وأمام المجلس مهمات لا بدّ أن يؤدّيها في المرحلة المقبلة، وللإعلام أن يُحاسب»، منتقداً «ربط البعض بين قمّة بكركي التي طغى عليها المنحى السياسي، فيما اجتماعنا في الدار كان بمجمله حول قضايا داخلية تنظيمية تعني الطائفة وأبنائها، ولتنشيط عمل المجلس المذهبي».

 

هزّة عصا؟

 

هل هذا الاجتماع بمثابة هزّة عصا عائلية؟ يجيب رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي الشيخ سامي أبي المنى لـ«الجمهورية»، «لا، انّه هزة ضمير، انطلاقاً من الاعضاء الذين يشكلون هيئة المجلس، كل منا عليه أن يشعر بأهمية المجلس وضرورة تفعيل مشاركته، فنحن أكثر من غيرنا شعرنا في الحقيقة بضرورة تفعيل عملنا بجدّية ومسؤولية، وإعطاء فسحة أوسع للعمل وللمشاريع».

 

وأضاف: «لا بدّ من وضع خطة للمرحلة المقبلة، ورسم مسار على أساسه نتقدّم، فالمرحلة دقيقة وتتطلب مثابرة. لذا نحمّل أنفسنا مسؤولية أي تقصير».

 

نحو ساعة وربع الساعة دام اجتماع الهيئة، الذي فُتح خلاله المجال للنقاش امام الحاضرين، بعد كلمة جنبلاط. وأبرز القضايا التي تمّ التطرّق إليها: الواقع الدرزي، قضية التصويب على مشيخة العقل والمجلس المذهبي، مسألة المساعدات الاجتماعية، والموازنة، وكيفية استثمار الاوقاف، زيادة مداخيل المجلس لرفع حجم المساعدات.

 

حيال القضايا المتشعّبة والتساؤلات، ردّ رؤساء اللجان على مجموعة منها، «الّا انّ الرأي العام بالمجمل كان عدم الدخول في التفاصيل وترك النقاش إلى اجتماعات لاحقة تُخصص لكل قضية، وبذلك يتسنى بحثها في العمق»، على حد تعبير المصدر نفسه.

 

بعد الاجتماع

 

بفارغ الصبر انتظر الصحافيون في قاعة جانبية انتهاء الاجتماع، الى ان خرج الشيخ حسن وأكّد في كلمة له ثقته بجنبلاط، قائلاً: «نثق بسياسة وليد بك الوطنية الحكيمة ودورها التاريخي المسؤول لحماية لبنان وطائفتنا المعروفية. وإن لمشيخة العقل والمجلس المذهبي، اللذين نهجا منذ البدايات نهجاً متطلعاً إلى تحقيق المصالح العليا للموحِدين الدروز».

 

ولفت إلى دقة المرحلة الراهنة قائلاً: «واجهنا العديد من المشاكل والعقبات وعالجنا ما أمكن، وقدّمنا ضمن الإمكانيات. واليوم مع تزايد تردّي الأوضاع ومع بداية المجلس المذهبي في ولايته الثالثة سيكون هناك خطة خمسية لتطوير الأوقاف والقيام بالواجب الممكن اجتماعياً تجاه أبنائنا وحماية مستقبلهم ودعمهم في ظل تقصير الدولة، وهذا لا يكون إلا بدعمكم ودعم الخيّرين للنهوض وتقدّم الطائفة».

 

من جهته قال وليد جنبلاط: «لقد دعانا سماحة الشيخ الى اجتماع المجلس المذهبي في دورته الثانية، وشاركنا من اجل تفعيل بعض القضايا والمواضيع، وسيتم وضع جدول اعمال في ما يتعلق بالشؤون الاجتماعية والتنموية والاغترابية والتربوية وغيرها، بغية الاستمرار وتفعيل العمل اكثر في مواجهة التحدّيات الاجتماعية المتعددة.

 

كما انّ هذا الاجتماع لا علاقة له بلقاء الامس (امس الاول) في بكركي كاجتماع سياسي او غير سياسي، ولا ببعض التظاهرات التي ظهرت هنا او هناك ذات طابع سياسي. انه اجتماع دوري للمجلس المذهبي هدفه تفعيل المؤسسات، وهذه الندوة هي الشرعية الأساسية الواحدة من اجل استمرار في دعم السياسي والثقافي، وعندما يأتي الاستحقاق بعد سنتين او اكثر، فالانتخابات مفتوحة لمن يريد ان يستمر في هذه المؤسسة الواحدة الموحدة».

 

وفي الختام شدّد المجتمعون، على «أهمية تحصين عمل مؤسسة المجلس المذهبي وتفعيله بصفته المؤسسة الرسمية الشرعية المنتخبة التي تمثل كل أبناء الطائفة، وبأنّ الرد على كل الحملات هو بمزيد من العمل لخدمة الطائفة والوطن. وتمّ تقويم التحضير للمؤتمر الاغترابي الثاني العام ليجمع كل أبناء الطائفة في بلاد الانتشار، بهدف وضع استراتيجية توحّد جهود أبناء الطائفة المقيم والمغترب لتوفير الإمكانات اللازمة للمجلس المذهبي، للقيام بدوره الاجتماعي والانمائي على كل المستويات».