IMLebanon

غبارُ الإقامة الجبريّة انكشح وبدأت الأزمة

 

بوصوله الى باريس سيكشح الرئيس سعد الحريري الغبار الكثيف الذي أُثير حول إقامته الجبريّة المزعومة، ويبدأ مرحلة ما بعد الاستقالة التي وصفها رئيسُ مجلس النواب نبيه بري بأنها مرحلة ظهور الأزمة الحقيقية.

تقديمُ الاستقالة المكتوبة في قصر بعبدا مرجّح، وفي اللحظة التي تلي ستنتقل الكرة الى مرمى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي حاول تأخيرَ هذه الكأس وخوض معركة «تحرير» الحريري، لكنّ كلّ ذلك لن يؤخر استحقاقَ قبول الاستقالة، وتحديد موعد لإجراء الاستشارات الملزِمة، وحينها، توضع عملية تشكيل حكومة جديدة تحت مجهر أزمة داخلية وعربية لا يبدو أنّ مخارجها متوافرة.

تتحدّث اوساط سياسية عن مفاصل الازمة المقبلة ومراحلها بالتتابع:

ـ أولاً، البداية ستكون مع قرار الحريري الذي يمكن أن يراوح بين احتمالات عدة، منها العودة المشروطة عن الاستقالة، ومنها الاصرار على الاستقالة مع الاستعداد لتشكيل حكومة جديدة، وآخرها العزوف عن الترشّح لتشكيل الحكومة الجديدة، مع تسمية اسم مكلف بالتشكيل وإعطائه الغطاء السياسي، والبقاء خارج السلطة.

وتشير الاوساط السياسية الى أنّ لكلٍّ من هذه الاحتمالات سيناريو محدّداً، لكنّ الاحتمالين الأوّلين، يمرّان حُكماً عبر خريطة طريق مبنيّة على مضمون خطاب الاستقالة، وفي الترجمة هذا يعني الإصرار على تشكيل حكومة تعدّل جذرياً في التوازن الذي اختلّ، سواءٌ في بيانها الوزاري، أو في العلاقة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج.

ـ ثانياً، تقول الاوساط السياسية إنّ الحريري لم يعد قادراً على العودة الى الوراء، بعد استقالته، ويعمل لذلك بعض فريقه السياسي، الذي يريد منه العودة عن استقالته واكمال التسوية، كما لو أنّ شيئاً لم يحصل، وعلى رأس هؤلاء مستشاره نادر الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق، اللذان يديران التواصل مع عون، للوصول الى هذا الهدف، لكنّ كلّ ذلك يصطدم بجدار سعودي صلب، وبتحذير من أنّ أيّ عودة عن الاستقالة من دون النظر في أسبابها ومعالجتها، ستقابَل باعتبار الحكومة، جزءاً لا يتجزّأ من تحالف مع «حزب الله»، وهذا يقود الى عزل عربي كامل، والى اعادة النظر في علاقة المملكة مع تيار «المستقبل»، والى فتح كل القنوات أمام قوى سنّية وازنة، كانت الابواب امامها مقفلة حرصاً على العلاقة مع «المستقبل».

ـ ثالثاً، تشير الاوساط السياسية الى وجود غضب سعودي من أداء بعض قيادات «المستقبل» الذي تُرجم على شكل «لجوء سياسي» الى رئيس الجمهورية، فهذه القيادات نسقّت سرّاً وعلناً معه لتفريغ الاستقالة من مضمونها، كما أنها صمتت على موقفه من السعودية، لا بل إنّ كلاماً صريحاً وصل الى مراجع سعودية على لسان هذه القيادات ينتقد السعودية، ويدعو الى فكّ الارتباط معها، وهو كلام سبق الاستقالة وأعقبها، وفحواه: «السعودية تركتنا وحيدين في مواجهة «حزب الله»، وهي تريدنا الآن أن نواجه من دون أيّ ضمان ونحن متمسّكون بالتسوية مع «حزب الله» وعون الى النهاية، ولن نذهب الى ما تريده السعودية».

في كل الحالات ومع تقديم الاستقالة الخطّية، سيسير الحريري في مترتّبات المرحلة الجديدة، على وقع إصرار جزء من فريقه على أن يعيد الامور الى ما كانت عليه قبل الاستقالة، فيما يبدو أنّ الاجندة العربية التي تواجه إيران و«حزب الله» لم تعد تتيح إحياء التسوية القديمة، فماذا سيكون قرار الحريري؟ وكيف سيتصرّف عون في حال تعذّر تشكيل حكومة جديدة؟ وهل يتحمّل عهد عون حكومة اللون الواحد التي يمكن أن يرأسها احد حلفاء «حزب الله» وما سينتج عن ذلك من عزل عربي ودولي، وحصار اقتصادي وسياسي؟