IMLebanon

الشرقُ شرقٌ والغربُ غربٌ…

تعدّدت الأسئلة حول زيارة الرئيس بشار الأسد لموسكو واجتماعاته المطوّلة مع الرئيس فلاديمير بوتين، والنتائج المحتملة والممكن انتظارها على صعيد الوضع السوري، ومدى تأثير أيّ متغيّرات سوريّة على المنطقة العربيّة والشرق الأوسط بكل حروبه والكوارث التي حلّت بالعديد من دوله.

وماذا عن العراق، واليمن، وليبيا، وهل يبقى لبنان معلَّقاً بين الفراغ الرئاسي والفراغ الشامل، على سبيل المثال لا الحصر؟

هذه الأسئلة في محلّها وفي وقتها. ولا تقتصر على العواصم العربيّة، إنما تجاوزتها سريعاً إلى عواصم الغرب وفي مقدمها واشنطن وكبار محلّليها وخبرائها المشرقيّين.

في هذا السياق ثمة مَنْ يرى أن الحديث عن شرق أوسط جديد لم يعد وهماً، أو رجماً في الغيب، أو مجرّد تمنّيات أكل الدهر عليها وشرب، بقدر ما أضحى هذا الأمر احتمالاً وارداً في حال التوصّل إلى “نهاية سعيدة”، وحلّ سياسي شامل في سوريا الغارقة في دمها وركامها.

وقد نعثر على مؤشّر أوضح في التصريح الصادر عن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، والذي جاء فيه قوله “إني أرغب في الاعتقاد أن الرئيس بوتين أقنع الأسد بأن يبدأ عملية انتقال سريعة، وأن يتخلّى عن مركزه في أسرع ما يمكن”.

وهنا تشير التحليلات الأوليّة الصادرة عن خبراء على معرفة بأسلوب الرئيس الروسي إلى “احتمال أن يكون هدف بوتين من زيارة الأسد لموسكو إطلاق عمليّة سياسيّة بشروطه”.

طبعاً، هذا ليس كل شيء عن الزيارة – المفاجأة، والدور الروسي المستقبلي في المنطقة العربيّة، استناداً إلى “الهجمة القيصريّة” اللافتة جداً إزاء التراجع الكبير لدور الدول الغربيّة، وخصوصاً أميركا التي تكاد تنسحب كلياً، ميدانياً وسياسياً، من هذا الشرق الذي لم تُحسن قراءة تاريخه وجغرافيّته.

وهنا نجد أنفسنا مضطرين للعودة إلى قول الشاعر والروائي البريطاني روديارد كيبلنغ الذي جاء فيه بمنتهى الصراحة والبساطة: “الشرقُ شرقٌ والغربُ غربٌ، ولن يلتقيا”.

وحتى اللحظة لم يلتقيا إلا لماماً، واضطراراً، وبضغوط مباشرة من المصالح العابرة…

باختصار، أخذ العالم بأسره علماً وخبراً بالخطوة المتقدّمة والبالغة الأهميّة التي حقّقها القيصر بوتين على الملعب الأساسي في الشرق الأوسط، وعلى ملعب الغرب أيضاً، والتي قد تفتح آفاقاً جديدة تؤكّد صدقيّة كلام اللورد البريطاني عن الشرق والغرب… وعلى وقع رقصة البلالايكا.

لن نعود إلى كلام الرئيس الروسي والرئيس السوري عن “العمل العسكري” و”العملية السياسيّة”، فقد بات واضحاً أن القيصر صارح الأسد بأن الحروب ليست للحروب. وعلى هذا الأساس لا بدّ من وضع حدّ للحرب في سوريا والانتقال إلى رحاب العمليّة السياسيّة.