الذي يجري وجرى من أيام في الغوطة الشرقية لدمشق، جريمة ضد الإنسانية، أو هو «وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء» كما قال الزعيم السياسي اللبناني المسيحي، سمير جعجع.
جعجع قال في بيانه الأخير: «مهما كانت الأسباب أو الحجج أو الأعذار لا شيء يبرّر قتل المدنيين الأبرياء (بالجملة) عن سابق تصوّر وتصميم وبالأسلحة الثقيلة كافة». وطالب بتدخل دولي عسكري لوقف المجزرة، لأن التصريحات الكلامية لا تفعل شيئا.
موقف «متقدم» من شخصية سياسية عربية، في ظل تخاذل من بعض العرب أو «تطنيش» يرقى لصمت الشيطان الأخرس، عن وقائع الموت العلنية التي تكتبها على أجساد الأطفال والشيوخ والنساء طائرات الروس وبراميل بشار ومدافع نصر الله، بحق الآلاف من المدنيين في الغوطة الشرقية.
جريمة كبرى تسجل باسم الدولة الروسية والدولة الأسدية، وكل من يشاركهم الجريمة في سوريا.
الحجة كما قالوا، هو طرد الإرهابيين من الغوطة، وأي إرهاب أكبر من قتل الناس بالجملة وبطريقة عمياء؟! كما استغرب سمير جعجع.
أقول، نعم هناك نشاط لفصائل قاعدية مثل هيئة تحرير الشام أو متحالفة معها مثل فيلق الرحمن، مع أن الأخير، أعني الفيلق، وافق على اتفاقية خفض مناطق التصعيد الروسي، لكنه الآن يلقى حمم التصعيد من الطيران الروسي.
نعم هذه فصائل موجودة، لكن هناك أيضاً «جيش الإسلام» وهو تشكيل أسسه زهران علوش عام 2013 الذي لقي حتفه بغارة روسية أواخر عام 2015 عام التدخل الروسي في سوريا.
هذا التشكيل «الإسلامي» الذي قوامه من سكان ريف دمشق، هو جزء الآن من المعارضة السورية التي تفاوض في جنيف وغيرها وشقيق زهران، محمد علوش، قيادي سوري في وفد التفاوض، وفصائل علوش دخلت في معارك مع «داعش»، وكادت الأخيرة تغتاله أكثر من مرة، كما أن فصائل علوش على خلاف واضح مع هيئة تحرير الشام، والأخيرة هي «تحويرة» سورية لتنظيم القاعدة.
بصراحة، حتى لو كان المقاتلون في الغوطة كلهم على مذهب إبراهيم هنانو أو سلطان الأطرش أو صالح العلي، لما سلموا من الميليشيات الخمينية والطائرات الروسية والبراميل الأسدية.
الهدف، روسياً، اجتثاث كل معارضة لبشار، وتمكينه من العباد والبلاد، فكل من يقاتل بشار، إرهابي، وكل من يقاتل معه، متحضر.
مرة أخرى، لا نزكي كل من حمل السلاح ضد بشار، بل فيهم الإرهابي وتاجر الحرب، والمدسوس، لكن هذا كله لا يلغي حقيقة واضحة، وهي أن الحرب السورية قتلت زهاء نصف مليون إنسان وشردت نحو عشرة ملايين، ببركات بشار، ومن يحالفه، ومن يخالفه.
ولكن أهل الغوطة… لا بواكي لهم!