Site icon IMLebanon

كورونا عمّق الأزمة الإقتصادية والحكومة مُقصّرة في الإجراءات

 

 

5 أزمات توالت على لبنان في الفترة الأخيرة قبل أن تأتي الأزمة السادسة والمتمثّلة بالاغلاق القسري الناجم عن أزمة كورونا. وإذا كان لبنان يحتاج ما بين 3 الى 5 سنوات للتعافي من تلك الأزمات، فماذا اذا أضفنا اليها أزمة كورونا والتي شكّلت ضربة قاضية للاقتصاد؟

إعتبر رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني أن لأزمة كورونا الأثر الاقتصادي السيئ جداً على لبنان لأنّ ملازمة القوى العاملة منازلها أدّى الى توقف الانتاج في بعض القطاعات وتراجع المداخيل، مثلما هو الوضع في القطاع المطعمي والفندقي حيث لا يوجد موظفون ولا زبائن ما جَعل الصدمة مضاعفة. ومع تراجع مداخيل الشركات لن يكون في إمكانها دفع مستحقاتها من رواتب موظفين وتكاليف تشغيلية، وبالتالي سيضطرون الى خفض الانتاج وصرف موظفيهم مما سيزيد البطالة والفقر. وهذا ما دفعَ البنك المركزي الى إصدار تعميم يمنح الشركات قروضاً لدفع مستحقاتها عن أشهر آذار ونيسان وأيار مقسّطة على 5 سنوات بفائدة صفر.

 

 

وقال: صحيح انّ هذا التعميم ممتاز الّا انه غير كاف، خصوصاً انّ الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم نتيجة كورونا هي الأسوأ في تاريخ البشرية.

 

أما اذا طالت أزمة كورونا فسيكتشف المستثمرون، برأي مارديني، انّ لديهم الكثير من الاصول الثابتة من دون جدوى، والمتمثّلة خصوصاً بالعقارات، بما سيؤدّي في الفترة المقبلة الى تراجع لافت في أسعارها. كما سيلاحظون ارتفاعاً في نسبة القروض المتعثرة، لأنّ القوى العاملة المتوقفة عن العمل قسراً، والتي لن تتقاضى الرواتب في نهاية الشهر، لن تقوم بدفع القروض المستحقة عليها، كذلك الشركات المتوقفة عن العمل لن تتمكّن من تسديد قروضها التجارية، أضف الى ذلك اعلان الدولة تعليق دفع سندات الخزينة، والتي تدين فيها بـ 70 مليار دولار للمصارف اللبنانية.

 

وأسِف مارديني لأنّ أزمة كورونا جاءت في أصعب ظرف اقتصادي يمرّ به لبنان، على عكس غالبية دول العالم التي كانت تعيش في مرحلة نمو اقتصادي، مثل اميركا واوروبا، ما سَهّل عليها الصمود الاقتصادي، بينما في لبنان كان مخزون الشركات قبل أزمة كورونا صفراً، وصَرفُ الموظفين كان في أوجه (220 ألف فرد خسروا وظائفهم وفق (infopro)، أرقام البطالة تزيد بشكل مضطرد، نصف الشركات خفّضت الرواتب اكثر من 40 في المئة).

 

تابع: نحن نمرّ بـ6 أزمات: الأزمة الاقتصادية وما نتج عنها من انكماش اقتصادي، الأزمة المالية (الدولة مديونة ولا تملك المال لسداد ديونها)، الأزمة المصرفية (المصارف لا تملك المال لتدفع لمودعيها)، أزمة الصرف (خلق سوق مواز للسعر الرسمي للدولار والذي وصل أمس الى 2700 ليرة)، أزمة السياسة النقدية او أزمة المصرف المركزي الذي بات يحتاج الى إعادة رسملة، وقد أضيفت مؤخراً الى كل هذه الأزمات أزمة كورونا.

 

ولفت الى انه رغم كل هذه الأزمات المتلاحقة لا تزال الحكومة تُماطل في طرح موضوع اعادة هيكلة المصارف، بينما يجب ان يكون هذا الموضوع من الاولويات وإلّا سنشهد على إفلاس عدد كبير من المصارف الناجم خصوصاً عن التعثّر، فالمصارف أخذت أموال المودعين وأقرَضتهم الى الدولة وهي اليوم من دون ايرادات، لا إيرادات من الدولة التي تخلّفت عن السداد، لا ايداعات جديدة، لا سداد للديون أكان من قبل الافراد او من قبل الشركات، وبالتالي كيف سترد أموال المودعين؟ وقد لاحظنا مؤخّراً توقّف غالبية المصارف عن دفع الدولار والاستعانة عنه بالليرة اللبنانية، وبما انّ القروض المتعثرة الى ارتفاع من أين ستأتي المصارف بالاموال؟ كلما زاد الطلب على الليرة سيضطرّ مصرف لبنان الى طبع العملة بما يعني مزيداً من التضخّم وخفضاً أكبر في سعر صرف الليرة.

 

 

 

ماذا بعد كورونا؟

ورداً على سؤال عن مرحلة ما بعد كورونا؟ يقول مارديني: صحيح انّ كورونا أزمة عابرة الّا انّ تداعياتها لن تكون مرحلية بل دائمة. وإذا كنّا قبل كورونا في حاجة الى ما بين 3 الى 5 سنوات بعد البدء في تطبيق الخطة الاقتصادية مع ما تتضمّن من اصلاحات وقرارات موجعة، قبل البدء بمرحلة النهوض الاقتصادي، فأزمة كورونا زادت الطين بلّة.

 

إنطلاقاً من كل ذلك، اعتبر مارديني انّ على الدولة اتخاذ سلسلة تدابير فورية للحفاظ على قطاع الأعمال أقله خلال فترة كورونا، لأنه بدعم الشركات ستتمكّن المؤسسات من الابقاء على موظفيها وديمومة عملهم. أمّا أبرز وسائل الدعم المطلوب فهي التالية:

– تصفير الضرائب على الشركات (تصفير ضريبة الدخل وضريبة الارباح…).

– تصفير تكاليف الضمان وتعليق عقود العمال بما من شأنه الحد من صرف العمال.

– تصفير الضرائب على الاستيراد، لا سيما على المواد الاولية التي تحتاجها المصانع للانتاج، والتصفير على السلع الاساسية من شأنه أن ينعكس تراجعاً في أسعارها.

 

كما عدّد مارديني بعض التدابير المطلوب من الدولة اعتمادها على المدى الطويل، ومنها:

– تبسيط عملية فتح الشركات لتشجيع العمل من المنزل: إنّ فتح اي شركة في لبنان يكلّف 5 ملايين ليرة، 8 معاملات، 15 يوماً. فيما تبلغ كلفة فتح اي شركة خارج لبنان صفراً، معاملة واحدة عبر أونلاين ويأتي الاذن بعد 3 ساعات.

– تبسيط عملية إغلاق الشركة: إنّ إغلاق اي شركة يتطلّب 3 سنوات على أقل تقدير، فيما خارج لبنان لا يستغرق أكثر من 6 اشهر.

– تبسيط معاملات الاستيراد والتصدير: فمعاملات التصدير (وهي التي تُدخل عملات صعبة الى لبنان) تتطلّب 96 ساعة على الحدود بكلفة 480 دولاراً و48 ساعة لإنهاء الملفات بكلفة 100 دولار، بينما هي في بقية دول العالم 13 ساعة على الحدود وساعة واحدة لإنهاء ملفات بكلفة صفر.

 

أمّا الاستيراد فيحتاج الى 180 ساعة على الحدود بكلفة 790 دولاراً، 72 ساعة لإعداد الملف بكلفة 135 دولاراً، في حين يتطلّب في بلدان أخرى ساعة على الحدود وساعة لإنهاء الملف بكلفة صفر.