كانت النهاية بتوقيع الاتفاق النووي بين الغرب وايران مضمونة، بحيث ان الجانبين الاميركي والايراني لديهما مصلحة بالتوصل اليه، فضلا عن الاوروبيين.
وتكشف مصادر ديبلوماسية قريبة من موسكو، ان آثار الاتفاق في المنطقة بعيدة المدى، لكن بوادرها ستبدأ بالتكشف خلال الاسابيع المقبلة. اذ ان ازمات المنطقة سيتم وضع مقاربة جديدة لبحثها وايجاد التسويات لها، وتكشف انه لمجرد إقرار الاتفاق فان الولايات المتحدة وشريكتها ايران لا تعملان الا بالجملة، وانه ليس صحيحاً ان الملف النووي فقط كان قيد البحث بين الغرب وايران. وهذه الفكرة لا تتفق مع الواقع. انما البحث كان شاملاً حكماً لمجموعة قضايا على الهامش وان لم تبت. وجرى حديث حول المنطقة والحلول الواجبة لها، وطريقة مقاربتها والخطوط العريضة لذلك.
انما اي حلول اميركية ايرانية لن تتظهر الآن، بل ستستغرق شهوراً، ولا شك ان ايران باتت ضمن الدول التي ستلتزم «باكيج» حل معين، هناك دول كبرى تتوقع للبنان رئيساً قبل نهاية السنة الحالية بكثير، اي في الخريف تقريباً.
وتشير المصادر، الى ان الاشهر المقبلة ستحتم الوصول مع ايران الى توافق معين على حلول معينة تحفظ مصالح ايران والولايات المتحدة. ايران لن تخسر حكماً كل نفوذها واوراقها في المنطقة انما سيصبح هناك تنازلات متبادلة مع الولايات المتحدة تنضج تسويات على مختلف الملفات.
ايران، وفقاً لمصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، تعتبر انها في الاتفاق حافظت على خطوطها الحمر التي يتمسك بها مرشد الثورة علي خامنئي والتي اعلنها، كما انها تعتبر ان مجلس الامن سيصدر قراراً يلغي بموجبه كافة القرارات السابقة الصادرة عنه حول العقوبات على ايران. كما ستلغى كافة انواع الحظر على ايران. وتعتبر ان الملف النووي خرج من دائرة الاستقطاب بين ايران والمجتمع الدولي. كما تعتبر ان هناك اعترافاً بالبرنامج النووي السلمي لايران من جانب الغرب. كذلك انه سيتم الغاء الحظر المفروض على السلاح في ايران في فترة زمنية مقبولة ضمن شروط معينة في بعض الامور.
ايضاً، تعتبر ايران ان تعاطي مجلس الامن معها ستتغير طبيعته. وانها ستصبح دولة على باب الحصول على القوة النووية وباتت تمتلك برنامجاً نووياً سلمياً. وكذلك تعتبر ايران ان كافة انواع الحظر الاقتصادي والمالي والمصرفي ستلغى بموجب خطوات متبادلة من الطرفين الغربي والايراني اثناء عملية تنفيذ برنامج العمل المشترك الشامل.
المتشددون الايرانيون، لا سيما اعضاء لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الاسلامي، يعتبرون ان لدى اللجنة معايير خاصة، ستعمد الى مراجعة الاتفاق، تماماً كما ان الكونغرس الاميركي، سيراجع الاتفاق. وعلى الرغم من حفاظ الاتفاق على الخطوط الحمر التي ارساها مرشد الثورة، كما يعتقد المسؤولون الايرانيون، الا انهم يعترفون بالانجاز الذي حققه الوفد المفاوض.
سفراء اجانب في طهران، يعتقدون ان الغرب يراهن على ايران لاسباب عدة: السبب الاول والاساسي، هو انها تشكل واحة من الاستقرار في المنطقة وان نظامها مقبول عالمياً، وانها ليست دولة ديكتاتورية، ولديها تجدد في القيادات السياسية، ثم ان الغرب يحتاج الى ايران لمكافحة الارهاب ومحاربته، وهنا ايران تراهن على الغاء حظر السلاح من اجل ان تؤدي دوراً في مكافحة الارهاب. الغرب يأمل من ايران ان تؤدي دوراً ايجابياً في المنطقة، من جراء فك عزلتها وانعدام وجود ضغط نفسي عليها.
ما يهم لبنان وفق المصادر، العلاقة بين الخليج وايران، اذ انه على الديبلوماسية الايرانية ان تبذل جهداً مع الخليج لاعادة تصويب مسار الامور الثنائية اولاً، والتعاطي مع الملفات الاقليمية ثانيا.
وتفيد اوساط ديبلوماسية غربية، ان السؤال الكبير هو معرفة ما اذا كان الاعتدال سينتصر في ايران، او انه سيتم التوسع في المشاريع السياسية المتطرفة في المنطقة. ليس هناك من معلومات حول ما يدور في ذهن الدول الغربية التي فاوضت والتزمت عدم اقحام ملفات المنطقة في التفاوض حول النووي. الدول غضت النظر عما حصل في اليمن وفي سوريا اثناء التفاوض. الاعتدال في ايران هو الذي ساهم في الوصول الى الاتفاق. فهل سيعمل على لجم الاطراف في ايران التي تريد التوسع، ام انه سيقع تحت تأثير التطرف الداخلي مجدداً؟
العرب والخليج يريدان تطمينات اميركية، وهذا ما باشرت واشنطن به فور توقيع الاتفاق. ولن تكون سياسة مجدية تطبيق فكرة شراء السعودية القدرة النووية، بعدما تمكنت جارتها ايران من التقدم في صناعتها. على ان المصادر لاحظت ان لا جدية في معارضة اسرائيل للاتفاق، بسبب وجود ضمانات اميركية. اسرائيل تتحدث علناً عن معارضة لكنها لن تتعدى ذلك.