لم تتغير المواصفات السعودية لرئيس الجمهورية الجديد، حتى بعد توقيع الاتفاق السعودي الإيراني، وهو أمر تم إبلاغه إلى القيادات السياسية والروحية، حيث كان سفير خادم الحرمين الشريفين وليد البخاري، واضحاً في التأكيد على هذه المواصفات التي ينبغي أن تتوفر في شخصية الرئيس العتيد. وفي مقدمها، أن يكون غير منغمس بالفساد، لا السياسي ولا المالي، وأن يكون عروبياً من أجل أن يعيد علاقات لبنان مع أشقائه العرب إلى سابق عهدها، من أجل أن يستعيد البلد عافيته، وتتحسن أحواله الاقتصادية والمالية، باعتبار أن هناك استعداداً من جانب الدول العربية لدعم لبنان مالياً، في حال التزم تنفيذ الإصلاحات وفق شروط المجتمع الدولي .
وفي حين تتطابق المواصفات السعودية إلى حد كبير مع ما يطالب به المجتمع الدولي، لناحية التوصل إلى انتخاب رئيس توافقي، فإن إصرار “الثنائي” على دعم المرشح الرئاسي رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، على ما أشار إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمام نقابتي الصحافة والمحررين، إنما ترك علامات استفهام عما إذا كان هذا الفريق مستعداً لتلقف نتائج الاتفاق السعودي الإيراني وانعكاساته على لبنان . وإلا لماذا هذا الإصرار على فرنجية، دون غيره من الأسماء؟، مع أن داعمي هذا الأخير يدركون قبل غيرهم، أن من غير الممكن انتخاب فرنجية، بعدما أكد نواب المعارضة أنهم لن يؤمنوا نصاب أي جلسة لانتخاب رئيس “المردة” .
وتسأل، مصادر معارضة، “هل أنه بهذا الإصرار على فرنجية، يمكن توظيف الأجواء الإيجابية التي أشاعها هذا الاتفاق، من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي في وقت قريب؟”، مؤكدة ل”موقع اللواء”، أن “هناك ضرورة لأن يقتنع الفريق الاخر، بأنه لا يمكن التمسك بخيار فرنجية وحده، في ظل وجود معارضة واسعة للرجل، حتى من داخل بيئته المسيحية . وهذا أمر لا يمكن تجاهله على الإطلاق . لا بل أن ما رشح عن الأجواء السعودية المتصلة بالاستحقاق، سواء من خلال تحرك السفير البخاري، أو نقلاً عن زوار الرياض، فإن رئيس “المردة” لا يحظى بدعم سعودي للرئاسة، انطلاقاً من أن المملكة لا تتدخل بالانتخابات الرئاسية في لبنان، وليست معنية بالأسماء . وإنما يهمها أن يكون رئيس الجمهورية، مدعوماً من أوسع شريحة من اللبنانيين، ويحظى بغطاء عربي ودولي” .
وتشير المصادر، إلى أن المرشح فرنجية لا يتمتع بمواصفات تؤهله لأن يكون قادراً على جمع اللبنانيين، على ما أشار إليه رئيس البرلمان، باعتبار أن أبرز المكونات المسيحية، ك”التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” و”الكتائب”، لا تقبل به رئيساً، إضافة إلى أن هناك قوى إسلامية، ليست مؤيدة لوصوله إلى قصر بعبدا، فكيف يكون والحالة هذه قادراً على جمع اللبنانيين؟”، مشددة على أن هناك خيارات رئاسية أخرى، لا بد من اللجوء إليها، لملاقاة نتائج الاتفاق السعودي الإيراني التي يجب أن يستفيد منها لبنان، على غرار دول الإقليم. بحيث لم يعد مقبولاً أن يكون التأثير الإيراني موجوداً في الاستحقاق الرئاسي، من خلال ضغوطات حزب الله وحلفائه” .
وعلى هذا الأساس، فإن الرسائل الدبلوماسية التي حملها عدد من الموفدين الذين زاروا لبنان في الساعات الماضية، أجمعت على أهمية البناء على ما أسس عليه اتفاق الرياض وطهران للمرحلة المقبلة، وتحديداً ما يتصل بالانتخابات الرئاسية . وفي أن تتضافر جهود القيادات اللبنانية، الموالية والمعارضة، من أجل وضع مصلحة بلدها أولوية. ولهذا يجب عدم الإصرار على مرشحي مواجهة، وإنما البحث عن الاسم الذي يحظى بإجماع، أو شبه إجماع من جانب القوى السياسية الداخلية . والأهم من كل ذلك، أن يتمتع المرشح للرئاسة بدعم شعبي وازن، يمكنه من تنفيذ برنامجه الرئاسي .