IMLebanon

إنتخاب رئيس جديد للجمهورية يعرّض الحزب للمساءلة حول مستقبل ودور وسلاحه

دعم «المستقبل» لترشيح فرنجية للرئاسة أسقط الأقنعة التي يتستَّر بها «حزب الله» لتعطيل الإنتخابات

إنتخاب رئيس جديد للجمهورية يعرّض الحزب للمساءلة حول مستقبل ودور وسلاحه

التعطيل المتعمد للإنتخابات الرئاسية وتفشيل مبادرة ترشيح فرنجية للرئاسة، قد يسقطان مستقبلاً ترشيح عون وفرنجية معاً ويعيدان البحث عن مرشّح وسطي

لم تكن المبادرة التي طرحها زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري في نهاية شهر تشرين الثاني الماضي بدعم ترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية لمنصب الرئاسة الأولى في إطار تسوية لإنهاء الأزمة السياسية القائمة في البلاد الأولى لإنهاء الشغور في منصب رئاسة الجمهورية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية بأسرع ما يمكن، بل سبقتها مبدرة علنية طرحها قبل ذلك وترتكز على ضرورة التفاهم على ترشيح شخصية توافقية أو وسطية أو مقبولة قادرة على جمع كل الأطراف السياسيين من حولها بعدما فشل المرشحان المتنافسان، رڈيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في التقدم ولو خطوة واحدة باتجاه منصب الرئاسة الأولى بفعل الإنقسام السياسي القائم وإصرار «حزب الله» وحليفه «التيار العوني» على تعطيل النصاب الدستوري لجلسات الانتخابات المتواصلة تحت شعار إما أن تقبلوا بعون رئيساً أو لن يكون هناك انتخابات رئاسية».

وعندما لم تلقَ هذه المبادرة قبولاً لدى بعض الحلفاء وتحديداً «القوات اللبنانية» ومن الخصوم على حدّ سواء، تم طرح العديد من الافكار لحل مأزق الانتخابات الرئاسية في لقاءات عديدة تمت في الرياض أو باريس بهذا الخصوص، ولما لم يتم تحقيق أي اختراق بخصوص الشخصية الممكن أن تلقى القبول من معظم الأطراف الأساسيين وفشل القادة المسيحيين في التفاهم في ما بينهم على مرشح للرئاسة الأولى بعدما حصروا اسم المرشح للرئاسة في ما بينهم فقط دون الآخرين، تمّ الاتفاق على ضرورة البحث عن مخارج وصيغ للخروج من أزمة الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت ممكن لتلافي مخاطر الفراغ الرئاسي، ليس على المسيحيين فقط، وإنما على لبنان كلّه باعتبار مركز الرئاسة الأولى هو العنوان الأساس لوحدة الدولة واستمراريتها على حدّ سواء.

ومع مرور الوقت دون جدوى واستمرار مأزق الشغور الرئاسي طويلاً، طرح الرئيس الحريري ترشيح النائب فرنجية للرئاسة، باعتباره احد أركان تحالف الثامن من آذار ومقبولاً من «حزب الله» الذي يقود عملية تعطيل النصاب الدستوري لجلسات الانتخاب الرئاسية في المجلس النيابي بعدما التقط إشارات إيجابية بقبول هذا الترشيح من معظم حلفاء الثامن من آذار ومستنداً إلى دعوة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله لإجراء تسوية مع خصومه السياسيين حول الأزمة السياسية والمأزق الرئاسي على حدٍ سواء.

لا شك ان طرح الرئيس الحريري بدعم ترشيح النائب فرنجية للرئاسة حرك مسألة الانتخابات الرئاسية بقوة لأسابيع عديدة بعد مرحلة طويلة من الجمود والشلل الذي خيم على هذا الاستحقاق المهم، الا ان تعارض هذا الترشيح مع حسابات ومصالح «حزب الله» الذي يتشبث باستمرار الفراغ الرئاسي حالياً في انتظار تطورات الحرب الدائرة بسوريا واوهام «الانتصارات» الروسية ضد الثوار السوريين التي تحكم حساباته للهيمنة والتسلط في الداخل ومعارضة الثنائي المسيحي، «التيار العوني» و«القوات اللبنانية» لهذا الترشيح، اعاقت بلورة هذه المبادرة ومنعت من استكمال تنفيذها في الوقت الحالي وأعادت مسألة الانتخابات الرئاسة بكاملها إلى حالة من الجمود القسري بعدما فشلت كل المحاولات والأفكار المطروحة لاختراق حالة التعطيل المتعمد التي ينتهجها «حزب الله» بالتحالف مع «التيار العوني» والتي زادتها حدة تأييد القوات لترشيح عون للرئاسة وذلك لقطع الطريق نهائياً على ترشيح زعيم «تيار المردة» للرئاسة الأولى.

وقبل طرح مبادرة الحريري بدعم ترشيح فرنجية للرئاسة كانت حجة «حزب الله» بطرح النائب عون مرشحاً وحيداً للرئاسة دون سواه خلافاً للأسس الدستورية وسلوكه نهج التعطيل المنظم لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية لعدم اتاحة الفرصة لمنافسيهم من الاستفادة واستغلال دستورية أي جلسة تنعقد لإيصال مرشّح من خارج دائرة هيمنة الحزب وتحالفاته وتبعيته السياسية العمياء.

وعندما بادرهم زعيم «تيار المستقبل» وهو خصمهم الأساس في التركيبة السياسية القائمة بتأييد ترشيح النائب فرنجية في إطار تسوية للأزمة السياسية القائمة، استمر الحزب بنهج تعطيل جلسات انتخاب الرئيس، تارة بسبب «الالتزام الاخلاقي» بدعم حليفه النائب ميشال عون وتارة بالتأكيد على تحالفه مع النائب فرنجية ولكن خلاصة كل هذه الممارسات الاستمرار بتعطيل الانتخابات الرئاسية وإبقاء لبنان بلا رئيس جديد للجمهورية في المرحلة الحالية ولو كان من حلفاء الحزب كالنائب فرنجية وامثاله.

لماذا؟ لأن أي رئيس جمهورية ينتخب في الوقت الحالي، أكان من حلفاء الحزب أو من خصومه أو من الوسطيين أو التوافقيين وعلى أي مستوى كان سيكون مسؤولاً تجاه الشعب أولاً والخارج ثانياً عن مساءلة «حزب الله» عن عبور عناصره وسلاحه للقتال في سوريا خلافاً للدستور والقوانين ورغبة شرائح واسعة من الشعب اللبناني، وثانياً ستوضع مسألة السلاح على الطاولة بجدية بعدما تحول عن مواجهة إسرائيل نهائياً وأصبحت وظيفته تُهدّد أمن لبنان واستقراره ووحدته، وبالطبع هذا لن يكون في مصلحة الحزب، لا من قريب ولا من بعيد.

الأهم من كل ذلك ان التعطيل المتعمد للإنتخابات الرئاسية وتفشيل مبادرة ترشيح فرنجية للرئاسة، قد يسقطان مستقبلاً ترشيح عون فرنجية معاً ويعيدان البحث عن مرشّح وسطي، وهذا هو الاحتمال المرجح، وبالطبع هذا الخيار لن يقتصر على الأطراف اللبنانيين وحدهم، بل يتجاوزهم للاعبين الكبار في أزمات المنطقة تحديداً.