Site icon IMLebanon

المعركة الانتخابية فتحت بين بعبدا وبنشعي

المعركة هي معركة قانون انتخاب ومهل دستورية والمخاوف واقعة من تطيير الانتخابات لكن شيئاً من هذه الهواجس لا يثني القوى السياسية عن تحضير جمهورها وقواعدها للانتخابات وكأنها تجري غداً، فالتيار الوطني الحر والقوات بات حلفهما ثابتاً وحتمياً ، تقسيم المناطق وتوزع الحصص بين الطرفين حصل تقريباً في  مرحلة مباحثات  تفاهم معراب، فباكراً جداً سحب النائب انطوان زهرا ترشيحه في قضاء البترون لترييح الحليف العوني رئيس التيار الوطني الحر، وهكذا خطى الجنرال شامل روكز خطواته الجريئة باتجاه معراب لتعزية رئيسها  بعدما تمرد روكز وبقي خارج مصالحة معراب في توقيت لافت الدلالة والمعاني منهياً حقبة من العداوة مع القوات، فالتنسيق العوني القواتي او  التحالف  بلغ مداه والتحضير لماكينات انتخابية مشتركة لم يعد خفياً، معركة البترون الأكثر حماوة او ام المعارك جرى تزييتها ودوزنتها على وقع اخراج متقن لنائب القوات من المعركة، الاستعدادات في زغرتا عرين فرنجية تشبه ما يحصل في الكورة التي لا تقل شأناً، وفي بعبدا  المعركة  السياسية والخدماتية قائمة بين العونيين والمردة منذ فترة واذا كان انتقال رئيس التيار الى قصر بعبدا عاملاً قوياً فان انتقال  المردة الى  وزراة الأشغال فتح لها باباً خدماتياً في مناطقها فيما يستمتع الوزراء العونيون بـ«نعمة» الخدمات التي طالما حرموا من ذكر اسمها وكانت حكراً لغيرهم.

ضمن هذا المشهد كانت الأمور تسير على ما يرام قبل ان ترتب مشاركة رئيس التيار الوطني الحر في عشاء زغرتا جنباً الى جنب مع رئيس حركة الاستقلال تغيراً في مسار الأمور او اختراقاً في الحالة الانتخابية ، فاذا كانت جولات جبران باسيل هي من العدة الانتخابية لاستنهاض التيار وقواعده في المناطق الساخنة، فان الزيارة وكلام باسيل عن الاقطاع السياسي حمل رسالة «استفزازية» لزعيم المردة خصوصاً وان التأزم في العلاقة بين بعبدا وبنشعي لا يزال على حاله وان خلف المعركة الانتخابية المقبلة حسابات أكبر تتعلق باستحقاق الرئاسة المقبلة بعد ست سنوات وبدون شك فان سليمان فرنجية من الاسماء البراقة في الاستحقاق الرئاسي. العامل الآخر من وراء الزيارة ما يمكن فهمه بان ثمة محاولة مؤكدة لإلغاء او عزل فرنجية في الانتخابات النيابية بدأت تتضح في التحالفات التي يتم نسجها وصياغتها باستغلال واضح للخلاف  القائم منذ فترة بين التيار الوطني الحر والمردة، لكن الخطوة التي قام بها باسيل كما تقول أوساط سياسية وان كانت يمكن وصفها بالعادية ومن ضمن سلسلة نشاطات حزبية وانتخابية يقوم بها الوزير الذي «لا يهدأ» الذي مر في بعبدا وكسروان في سياق لقاءات مماثلة  إلا ان هذه الزيارة كما تقول اوساط زغرتاوية كان لها رد فعل معاكس في شد العصب حول فرنجية، فرئيس تيار المردة الذي جرى استضعافه في التسوية الرئاسية ثم لملم أوراقه وعاد الى حكومة سعد الحريري بدون ان يشارك الى جانب الأخير في ذكرى 14 شباط «ممنوع شطبه» من المعادلة الانتخابية في عرينه الزغرتاوي وهذه المعادلة ثابتة في حسابات حزب الله وقيادات 8 آذار مهما كان شكل التحالفات او القانون الانتخابي، كما ان عشاء التيار الوطني الحر استنفر العصبية الزغرتاوية التي تشتد في المحن حول رئيس المردة.

  من المؤكد ان الحليفين السابقين في التيار الوطني الحر والمردة باتا على مسافة كبيرة من التباعد والخصومة لم تفلح معها جهود حارة حريك لتقريب المسافات  وانهاء القطيعة بعد ان خرجت الامور عن سياق  السيطرة الفعلية لقيادة الضاحية بعدما تفاقم الخلاف وزاد التعنت السياسي وصار الحليفين عدوين حقيقين يتجهان الى ترجمة احقادهما السياسية  في الصناديق الانتخابية، فالواضح ان  التيار الوطني الحر لا يرغب بفتح الباب لاستقبال الحليف السابق وعلى اي خطوات وهو الذي يزهد اليوم بالسلطة ويتبجج بتفاهماته السياسية  التي اوصلته الى قمة السلطة  فالحال ان رئيسه انتقل الى القصر واحتل وزارات وأنجز تحالفاً سياسياً وانتخابياً مع معراب في حين ان فرنجية انجز تموضعات سياسية قوية ايضاً الى جانب رئيس المجلس والزعيم الاشتراكي لمواجهة التسونامي العوني والقواتي في السياسة والانتخابات، في حين ان علاقة بنشعي وبيت الوسط رغم الانتخابات الرئاسية وظروفها على مستويات جيدة. فالنائب فرنجية من المؤكد في حال استمرار القطيعة مع العونيين وفي ظل عدم توقع حصول اي اختراق في العلاقة سيكون في مواجهة مؤكد معهم وسيكون له تحالفاته الخاصة مع المستقبل وربما تحالفات غريبة عجيبة للنفاذ من التسونامي لانه يواجه قرار القضاء عليه انتخابياً بعد محاولة ضربه سياسياً في المعركة الرئاسية. فالمصالحة مع رئيس الجمهورية  تبدو غير مطروحة فالفيتو موضوع من الطرفين ولا يبدو ان المحيطين برئيس الجمهورية يستسهلون حصولها خصوصاً بان  هؤلاء يعتبرون ان فرنجية أساء الى «شخص» ميشال عون  المفترض انه الأب الروحي لفرنجية وليس الى جبران باسيل مثلاً وفي اكثر من محطة وبدون اي ضوابط ، وعليه فان المصالحة تبدو معقدة كثيراً فلا تلوح في ألأفق معالم زيارة مرتقبة بالقصر او ما شابه لانهاء القطيعة السياسية التي حصلت في  ملف الانتخابات الرئاسية بين الزعيمين المارونيين اللذين تنافسا على رئاسة الجمهورية، فالمصالحة  كادت ان تحصل عندما تدخل سيد الصرح  قبل تأليف الحكومة  في محاولة لم يكتب لها النجاح بعدما «تمرد» عليها واسقطها فرنجية بزيارة الى عين التينة أعادت الامور الى نقطة الصفر والمربع الاول ، لتعود وتتردد اجواء المصالحة مع زيارة وفد من تكتل الاصلاح والتغيير برئاسة النائب آلان عون في اطار جولاته على القيادات السياسية  لاخذ رأيها في قانون  الانتخابات النيابية ، فالزيارة من رئيس المردة الى القصر  لم تحصل لا من اجل تهنئة رئيس الجمهورية ولا بعد تشكيل الحكومة التي حصلت فيها المردة على وزارة الأشغال  .

 وازاء التعنت الواقع بين الطرفين فان  معركة الانتخابات النيابية المقبلة  هي الاستحقاق الأبرز وقد فتحت من فترة ومكاتب العونيين والمردة تعمل بقوة على الساحة الشمالية استعداداً للحرب الكبرى ، فالتيار البرتقالي يريد تسديد الضربة الاخيرة للمرديين في عرينهم الشمالي  في زغرتا اذا تمكن  وفي البترون في محاولة لتحجيم المردة وضرب حضورها .

رئيس تيار المردة  كما تقول اوساط سياسية لم يرم اوراقه او يستسلم في المعركة التي يخوضها وهو ربما مرتاح الى موقعه السياسي الجديد والى الجبهة السياسية  الجديدة التي تجمعه مع رئيس المجلس ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ، فرئيس المجلس فاوض في التشكيلة الحكومية لانتزاع حصة المردة ، والتفاهم السياسي مع عين التينة يكسب في السياسة لكن مردوده في الانتخابات النيابية  يكاد يوازي الصفر حيث لا مناطق مشتركة في الانتخابات بين المردة والحليف الشيعي في عين التينة من هنا فان المردة وفق الاوساط السياسية في حال لم تحصل المصالحة مع العهد سيكون حتماً في خندق انتخابي مواجهاً التيار الوطني الحر في الشمال  المتحالف مع القوات وربما متحالفاً مع اخصام سابقين وحلفاء جدد على الساحة الشمالية خصوصاً التي تشهد تحولات سياسية كبيرة . الواضح والمؤكد ان  سليمان فرنجية  لا يسعى حتى الساعة الى  مراضاة العهد وكسب وده ولا  يطلب القرب من الرئاسة  ، يراقب   زعيم زغرتا  عن بعد مسار العلاقة الجديدة  «والحميمية»  بين التيار الوطني الحر والقوات ،  هو لم ينس كيف ناور التيار وحاور لانتزاع حقائب قوية اساسية وخدماتية لحليفه في معراب وكيف يبلغ التنسيق مداه الحيوي بين القواتيين والعونيين بخلاف ما لم يكن متوفراً في زمان علاقته بالعونيين وهو مدرك لما تخططه ثنائية  معراب والرابية المسيحية للمرحلة المقبلة لتحقيق تسونامي مسيحي في الانتخابات النيابية  قد لا يتسع لتمرد الزعيم الزغرتاوي .