تشير المعلومات المتأتية من أكثر من طرف سياسي، إلى أن ما يُنقل من مطابخ بعض المرجعيات السياسية، يشي بحصول تطوّرات وأحداث خلال الفترة المقبلة على أكثر من خلفية سياسية داخلية وإقليمية، بحيث أن ما بعد قرار المجلس الدستوري، إضافة إلى كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون، وتعطيل مجلس الوزراء، إلى العلاقات المتوتّرة مع دول الخليج، والتي تفاقمت مؤخراً، فذلك ليس كما قبله، نظراً إلى ارتباط ذلك بأكثر من معطى سياسي، إن على صعيد الإستحقاقات الدستورية المرتقبة، أو إزاء ما يجري في المنطقة من تطوّرات قد يكون لها ارتداداتها السلبية على الساحة الداخلية.
ووفق أوساط مطّلعة،فإن المفاوضات النووية الأميركية ـ الإيرانية شهدت حماوةً في الجلسات الأخيرة، ولن تفضي في وقت قريب إلى أي مؤشّرات إيجابية، مما يُنذر بترك ارتدادات غير مريحة في الداخل اللبناني كما على الصعيد الإقليمي، خصوصاً وأن البلد على موعد قريب مع الإستحقاقات الدستورية الداهمة. وتكشف الأوساط نفسها أن هذه الإستحقاقات هي التي دفعت نحو رفع منسوب التصعيد،بالنسبة إلى ما يحصل داخلياً من مواجهات واصطفافات.
وعلى هذه الخلفية، ثمة معلومات تثير الخشية، تحدّثت عنها هذه الأوساط، وتشير إلى إمكانية أن يؤدي هذا السقف المرتفع من الخطاب السياسي، وتنصّل الكثيرين من مسؤولياتهم حيال الإخفاقات السياسية والدستورية، إلى تطيير الإنتخابات النيابية، ولاحقاً ربما، دخول البلد في أزمة رئاسية من خلال فراغ بدأ يتصاعد الحديث عنه. ولهذه الغاية، ثمة رهان على المعطى الدولي، بمعنى الإصرار والتشدّد على إجراء الإنتخابات في موعدها، وإلا من الصعوبة بمكان أن تحصل، باعتبار أن معظم الأطراف السياسية والحزبية المعنية بهذا الإستحقاق لا ترغب بحصوله، ولذلك، سمع البعض كلاماً قاسياً من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، خلال زيارته إلى لبنان، بمعنى أنه كان متشدّداً من أجل إجراء الإنتخابات،حيث أنه أكد بأن الأمم المتحدة ستعمل على إرسال بعثة للإشراف عليها، وأن دولاً عديدة تشهد نزاعات واضطرابات ورغم ذلك حصلت فيها الإنتخابات، وليس هناك أي مسوّغ من شأنه أن يؤدي إلى إلغائها.
وفي غضون ذلك، ترى الأوساط المعنية، أن الأسابيع القادمة ستوضح أموراً كثيرة، إن على صعيد كيفية إيجاد المخارج لعدد من الملفات الخلافية التي تشهد نزاعاً رئاسياً وحزبياً، ولا سيّما الملف القضائي، وكيفية التوصل إلى توافق لعودة جلسات مجلس الوزراء، مع الإشارة إلى أن الكثيرين والمتابعين لمسار الأوضاع، يرون أن هناك استحالة لانعقاد الجلسات في هذه المرحلة، وأن الأمور ذاهبة إلى بداية العام الجديد، إذ قد تتوضح الصورة أكثر على ضوء الإتصالات الجارية حالياً، وبالتالي، ترقّب الردود والردود المضادة على كلمة رئيس الجمهورية، وما ستكون عليه علاقة الرؤساء الثلاثة، والتي تشهد أصلاً تباينات وخلافات، وتحديداً بين بعبدا وعين التينة.
وبناءً على هذه المعطيات والأجواء الراهنة، بات واضحاً أن البلد دخل في الوقت المستقطع قبل الإنتخابات النيابية، حيث ستتعطّل كل مؤسّسات الدولة، وهي التي تُعتبر مشلولة ومُعطلة في آن، وبمعنى آخر،فإن البلد في مرحلة الوقت الضائع بانتظار ما ستؤول إليه الإنتخابات النيابية في حال حصولها. وبالتالي، فإن كل الإحتمالات تبقى واردة من مفاجآت رئاسية وسياسية،على وقع ما تمرّ به الساحة الداخلية من انهيارات وأزمات سياسية واقتصادية وحياتية،وقد تكون هذه الفترة محصورةً بشدّ العصب والتجييش الطائفي والمذهبي، واستعمال كل الأساليب والوسائل قبل الإستحقاق الإنتخابي المرتقب.