تستحضر مواقف رئيس «اللقاء الديموقراطي» ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط، في بعض جوانبها من مسألة الانتخابات النيابية، ووفق أي صيغة، ما كان له الأديب الكبير الراحل سعيد تقي الدين في وصف الراحل الكبير كمال جنبلاط، بـ»قضيب الزعرور» كدلالة على كثرة العقد في أقواله ومواقفه..
لم يعد سراً ان مواقف النائب جنبلاط من قانون الانتخاب، شكلت عقبة كبيرة في انجاز صيغة جديدة لهذا القانون، وقد أجمع عديدون، أقله في الظاهر، على رفض «قانون الستين الذي يخرب البلد وينتج حرباً أهلية ويدمر كل ما بنيناه، ويراد من ابقائه العودة بناء الى ما جرى في العام 1957..» على ما قال الرئيس نبيه بري أمام زواره، وكرره على مدى الأيام والأسابيع الماضية.. كما أجمع على هذا البعض، أقله في الظاهر أيضاً على أنه «لن يكون قانون لا يرضى عليه جنبلاط..»؟!
أثبت النائب وليد جنبلاط (ابو تيمور) براعة في ايجاد او ابتداع التوصيفات.. وقد ساعده «التويتر» في ذلك، لكنه لم يغفل عن أهمية سيناريو لقاء سائر القوى السياسية، وقد أوكل لوفد مشترك من «اللقاء» ومن «الحزب»، مختلط طائفياً ومذهبياً، بقصد شرح موقفه من الانتخابات، وهي لم تعد مجرد «خطورة» او طي الكتمان، بل معروفة وبالتفاصيل، وقد استحوذت على تأييد غالبية القوى والاحزاب التي تم اللقاءات معها، وخلاصتها «افعلوا ما تشاؤون خارج الشوف وعاليه.. ولا تمسوا هذه الدائرة الانتخابية لا من قريب ولا من بعيد..»؟!
ومع ذلك، فقد فاجأ جنبلاط عديدين باعلان اصراره على «التشاور والحوار الايجابي في ملف قانون الانتخاب، بعيداً من أجواء التخدير السائدة في غرفة العمليات..» وهم يتساءلون هل «الايجابية» المطلوبة ستكون بامتثاله لما ستكون عليه مواقف غالبية الافرقاء المعنيين، أم ان هذه الايجابية مطلوبة من الافرقاء الآخرين.. ليخلص عضو اللقاء الوزير مروان حماده الى القول بعد لقاء الرئيس سعد الحريري، أول من أمس، «ان كل الذين تحاورنا معهم كانوا واضحين بأنهم لن يوافقوا على قانون لا يوافق عليه وليد جنبلاط..» هذا في وقت استذكر البعض الدستور ودعا أمس الى تطبيق الدستور من خلال الذهاب الى انتخابات غير طائفية وانشاء مجلس للشيوخ؟!
الواضح الى الآن، ان وفد «اللقاء والحزب»، ينقل بأمانة ما يريده، وهو مرتاح لما يسمعه لجهة ان أحداً لا يريد قانوناً لا يرضي وليد جنبلاط، «فرضى وليد بك هو من رضى الله»..
يستسهل البعض عبور هذه المرحلة، وهو يبني على انجاز انتخاب رئيس الجمهورية، وتشكيل الحكومة، ليخلص الي ان «معجزة الانتخابات صغيرة بالقياس مع معجزة ملء الشغور الرئاسي وما تلاها.. لكن من السابق لأوانه التعجيل في هذا.. خصوصاً وأن «المطلوب انجاز قانون عادل يرضي الجميع.. واجراء الانتخابات في وقتها..»؟!
في قناعة غير فريق، ان الاتفاق على قانون الستين سيأتي، عاجلاً أم آجلاً.. لكن أحداً لا يعرف أين ومتى وكيف.. ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون يشعر باحراج غير مسبوق، وهو يخطو خطوات من خارج الأولويات والمبادئ التي كان أعلن عنها، بدعوته قبل أيام الى «قانون توافقي».. والجميع يدرك ان أي قانون لا يكون «توافقياً» إلا اذا قدّم الجميع تنازلات.. فهل الرئيس العماد عون، و»التيار الوطني الحر»، ومن معهما، في وارد تقديم تنازلات ما، وضمن أية صيغة وتحت أي سقف، وهل يتحمل هؤلاء ما يمكن ان يشكل طعنة في خاصرة «التيار» وهو لم يبدأ مسيرته «الاصلاحية – التغييرية» بعد؟!
لا يخفي قياديون في «التيار الحر»، ما آلت اليه الأمور وما يمكن ان تشكله من حرج.. وهي مسألة يشعر معها «التيار» بأنه مستهدف في المديين المباشر والاستراتيجي.. وذلك على الرغم من ان البعض يفصل بين «العهد» وبين قانون الانتخاب الذي ليس ملك يمين رئيس الجمهورية، بل هو نتاج الافرقاء كافة.
يرفع بعض حلفاء «التيار» الصوت، ويتشددون بهدف التضييق أكثر وامتصاص شعبية الجنرال في «البيئة المسيحية».. لكن قياديين بارزين في «التيار الحر» مصرون على الربط بين الدوافع الجنبلاطية للعرقلة وما يخطط له «حلفاء مضمرون لجنبلاط» (وتحديداً حزب «القوات اللبنانية») الذي لم يستقر على رأي وموقف من قانون الانتخاب، وهو يتقلب بين ليلة وضحاها بين «الثلاثي» و»النسبية» و»المختلط» والتكاتف المصيري مع جنبلاط.. وفي قناعة «قياديي التيار» ان ليس من المقبول ان يدفع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ثمن فشل القوى السياسية، او ثمن عدم استعدادها للتوافق، وفي الجوارير سبعة عشر مشروع قانون للانتخابات.. ما قد يؤدي الى اعادة الحياة لقانون الستين، كما يريد وليد بك، وكما يؤيده سراً في ذلك بعض القوى، ويغسل الرئيس بري يديه قائلاً: «لا جديد عندي، هناك ضجيج ولكن بلا حجيج، ما أكثر الضجيج وما أقل الحجيج.. أنا ضد الستين ولا يحاولن أحد ان يلبسني ثوبه..» ليخلص في لقاء الاربعاء النيابي أمس الى القول: «قانون النسبية هو خلاص لبنان..».