Site icon IMLebanon

الانفصال الانتخابي بين الوطني الحرّ وحزب الله يتوسّع

 

بعد أن حان وقت الجدّ على صعيد التحالفات الإنتخابيّة، وبسبب طبيعة القانون الجديد الذي يضع مُرشّحي اللائحة الواحدة في سباق وتنافس على «الصوت التفضيلي»، وبفعل خشية كل الأطراف والقوى السياسيّة من إمكان تعرّضها للخرق من خلال «مبدأ التصويت النسبيّ»، إهتزّت أكثر من علاقة سياسيّة تحالفيّة سابقة، وبدأت تتظهّر بوادر معارك إنتخابية بين قوى مُصنّفة ضُمن الخط السياسي الواحد. وهذا الواقع الذي طال العديد من الجهات السياسيّة، بدأ ينسحب على التحالف بين «التيّار الوطني الحُرّ» و«حزب الله»، بحيث أنّ مَتانة التحالف السياسي الإستراتيجي بينهما لم تحل دون إنفصالهما إنتخابيًا في أكثر من دائرة، حيث بدأت هذه الظاهرة التي كان يُمكن أن تمرّ مرور الكرام فيما لوّ إنحصرت بدائرة أو إثنتين، بالتمدّد والتوسّع إلى العديد من الدوائر ككرة ثلج تكبر مع الوقت. فما هي الأسباب؟

بحسب مصدر سياسي مُطلع قريب من «التيّار الوطني الحُرّ»، إنّ ظاهرة الإنفصال الإنتخابي في أكثر من دائرة بين «الوطني الحُرّ» و»حزب الله» لا تعود إلى أي خلاف سياسي أو إلى النظرة الإستراتيجيّة للأحداث وللتطوّرات المحلّية والإقليميّة والدَوليّة، حيث أنّ التناغم بين الطرفين على هذا المُستوى لا يزال قائمًا بفعاليّة. وأوضح أنّ الإهتزاز في العلاقة بين «التيّار» و»الحزب» محصور بالشق التقني المُرتبط حصرًا بالموضوع الإنتخابي، حيث ظهرت نظرة مُختلفة بين الطرفين إزاء مصلحة كل منهما الإنتخابيّة. ولفت المصدر نفسه في هذا السياق، إلى أنّ «الحزب» أخذ على «التيّار» ما إعتبره مُبالغة في السعي للتموضع إنتخابيًا إلى جانب «المُستقبل»، على حساب بعض الأحزاب والشخصيّات المُنضوية ضمن الخط السياسي العريض الذي يلتقي عليه كل من «حزب الله» و«التيّار الوطني الحُرّ»، بينما أخذ الأخير على «الحزب» تموضعه إلى جانب «حركة أمل» إنتخابيًا على الرغم من موقف الحركة المُنافس بحدّة للوطني الحُرّ، وعدم تفهّمه سعي «الوطني الحُرّ» إلى إستعادة وتحرير المقاعد المحسوبة على المسيحيّين من التبعيّة السياسيّة في مُختلف الدوائر، وهو مطلب لطالما سعى إليه «الوطني الحُرّ» في الماضي، لا سيّما على صعيد إعتراضاته السابقة على القانون الأكثري الذي كان سمح بوضع بعض الأكثريّات العددية، أيديها على مقاعد الأقليّة المسيحيّة، في العديد من الدوائر الإنتخابيّة.

وتابع المصدر السياسي نفسه كلامه بالقول إنّ الخلاف المُستفحل بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس «التيّار الوطني الحُرّ» الوزير جبران باسيل إنعكس سلبًا على الدعم الذي كان يمنحه «حزب الله» لمرشّحي «التيّار الوطني الحُرّ» في دائرة «صيدا جزّين»، حيث تموضع «الحزب» إلى جانب التحالف القائم بين المُرشّح الجزيني إبراهيم عازار المدعوم من الرئيس برّي وأمين عام «التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد، الأمر الذي أسفر عن قطع الطريق على «التيّار» لأي تحالف مُحتمل مع سعد، ووضعه بين خيارات تحالف إنتخابي مع قوى سياسية محسوبة على «الخط الآخر».

وبالإنتقال إلى دوائر أخرى، لفت المصدر إلى أنّ «حزب الله» كان واضحًا بأنّ إختيار «التيّار الوطني الحُرّ» مُرشّحًا شيعيًا في «كسروان جبيل»، من الضروري أن يُقابله تلقائيًا إختيار «الحزب» مُرشّحًا مارونيًا عن «بعلبك الهرمل»، لأنّ الظروف مُتشابهة إلى حد بعيد بين الدائرتين ولوّ بشكل مُعاكس. وبحسب المصدر إنّ «حزب الله» تعمّد الإعلان باكرًا عن إختيار الشيخ حسين زعيتر، مسؤول «الحزب» في جبل لبنان والشمال، كمرشّح في جبيل، لفتح باب التفاوض بشكل جدّي مع ترك خيار الإنسحاب مَفتوحًا، كون المرشّح المذكور يتقيّد بالتعليمات الحزبيّة بحرفيّتها، لجهة الإنسحاب أو المُضيّ بالمعركة. وعلى الرغم من إستبعاده أن تتجه الأمور إلى عدم التوافق بين «التيّار» و«الحزب» بخصوص هاتين الدائرتين المذكورتين، إلا أنّ المصدر أبدى تخوّفه من أن يُسفر التعنّت المُتبادل وإنقضاء المُهل والإعلان الإحترازي عن أسماء بعض المُرشّحين للطرفين، في تموضع إنتخابي مُتناقض ومُستغرب لكليهما في كل من «كسروان – جبيل» و«بعلبك الهرمل».

وفي دائرة «النبطيّة – مرجعيون – حاصبيا – بنت جبيل» أسفر الخلاف بين «التيّار الوطني الحُرّ» و«الحزب القومي السوري» على المقعد المسيحي الوحيد المُخصّص لطائفة الروم الأرثوذكس، وتموضح «الحزب» إلى جانب «القومي» إلى زيادة الحزازيّات الإنتخابيّة بين «الوطني الحُرّ و«حزب الله»، وإلى تفكير «التيّار البُرتقالي» جديًا في خوض معركة إنتخابيّة في هذه الدائرة، حتى لوّ ضُد «حزب الله».

وأشار المصدر نفسه إلى أنّ فرص التحالف الإنتخابي الثُنائي في دائرتي بعبدا وزحلة عادت لتتقدّم من جديد، بعد مرحلة من الأخذ والردّ، بحيث قد يعود التحالف السابق بين «التيّار الوطني الحُرّ» و«حزب الله» في الأولى، وقد يتثبّت التحالف القديم – الجديد بين «الوطني الحُرّ» و«حزب الله» والوزير السابق نقولا فتوش في الثانية، علمًا أنّ الأمور لم تصل إلى مرحلة حسم التحالف نهائيًا حتى هذه اللحظة.

وختم المصدر السياسي كلامه بالقول إنّ إتصالات تدور حاليًا على أكثر من خطّ بين «التيّار الوطني الحُرّ» و«حزب الله» لوقف توسّع الإنفصال الإنتخابي بينهما، علمًا أنّ وحده تبدّل موقف «المُستقبل» الذي تتجه الأنظار إليه في الساعات المقبلة لمعرفة وجهته الإنتخابيّة النهائيّة في ضوء عودة رئيسه رئيس الحُكومة سعد الحريري من المملكة العربيّة السُعوديّة، قد يُعيد خلط أوراق التموضعات الإنتخابيّة من جديد، وقد يُعيد الحلف السياسي المتين بين «الوطني الحُرّ» و«حزب الله» إلى خندق إنتخابي واحد ضُد الخُصوم الكُثر للطرفين!