Site icon IMLebanon

هيئة الإشراف على الإنتخابات لزوم ما لا يلزم ما دامت مقيّدة الصلاحيات

هيئة الإشراف على الإنتخابات لزوم ما لا يلزم ما دامت مقيّدة الصلاحيات

التبعية السياسيّة والسرطان المذهبي يتحكّمان بمسار العملية الإنتخابية

 

 

الخطابات المحشوّة بالمفردات التحريضية لا تساعد في إنتشال الوضع المعيشي والإجتماعي من قعر البئر

عشرة أيام هي المتبقية حتى موعد السادس من أيّار لإنطلاق العملية الانتخابية وسط مناخات سياسية أقل ما يمكن ان يقال فيها بأنها مناخات كريهة بفعل الانفلات الحاصل على كل الصعد ذات الصلة بهذه الانتخابات لا سيما على مستوى الخطاب الانتخابي الفارغ من أي برنامج أو خطط من شأنها ان تساعد في انتشال الوضع المعيشي والاجتماعي من قعر البئر، والمحشو بالمفردات التحريضية والمذهبية غير المسبوقة والتي تجعل الجميع يضعون اليد على القلب من إمكانية أي تطوّر يؤدي الى مواجهات دامية وبالتالي الاطاحة بالاستحقاق الانتخابي، وهو خوف يبقى قائماً إلى حين فتح أقلام الاقتراع أمام الناخبين.

ويأتي هذا الصخب الإنتخابي نتيجة الإرباك الحاصل عند غالبية المرشحين، حيث ان تعقيدات القانون النسبي الذي تخاض على أساسه هذه الانتخابات تحجب عنهم إمكانية احتساب النتائج المسبقة على عكس الانتخابات السابقة، وهو ما يجعلهم يقومون بأكبر عملية استنفار شعبوية ومالية في سبيل تحصين مواقفهم والدفع في اتجاه الفوز في هذه الانتخابات.

ويروي العديد من الناخبين كيف ان بعض المرشحين في مناطقهم يحرصون على تلبية الدعوات (فرح أو حزن)، وعقد الندوات، وتقديم الاغراءات، وإطلاق الوعود التي وصلت إلى أعلى مستوياتها من خلال الوعد بتأمين قروض سكنية، وإعطاء منح جامعية، وقد بلغ الأمر إلى استقدام المئات من المغتربين على حسابهم للإقتراع وتمضية يومين أو ثلاثة مع الأهل والأقارب، والأنكى من كل ذلك فإن هؤلاء يقدمون أنفسهم عن انهم ملائكة سيضربون الفساد ويضعون حداً للهدر، وسيؤمنون فرص العمل، مستهينين بعقول النّاس من خلال التعامل معهم على قاعدة كلام الليل يمحوه النهار، بمعنى ان كلام ما قبل الانتخابات شيء، وما بعدها شيء آخر.

هذا الواقع غير السليم الذي يسبق العملية الانتخابي يسجل العديد من الناخبين النفور منه من منطلق هاجس عدم الإيفاء بالوعد الذي اعتادوه بعد كل محطة سياسية وغالبية هؤلاء يؤكدون انهم سيتعاطون مع هذا الواقع من منطلق «ان من جرب المجرب يكون عقله مخرب»، إلا ان الواقع الطائفي والمذهبي والمناطقي الذي يحكم المشهد الانتخابي يجعل البعض منهم يقفز فوق قناعاته وينضم إلى مسيرة الذين سيدلون بأصواتهم لهذا المرشح أو ذاك عن أساس الانتماء السياسي أو المذهبي بغض النظر عن السلوكيات أو البرامج أو الصدق في الإيفاء بالوعود المقطوعة.

كل ذلك يبعث على الاعتقاد بأن عملية التغيير المنتظرة في الواقع السياسي المعاش ما تزال بعيدة المنال  كون ان السرطان المذهبي الذي يضرب في جسم غالبية اللبنانيين هو المتحكم بمسار أي استحقاق داخلي، وما دامت التبعية السياسية لهذا الزعيم أو ذاك هي المهيمنة على أي محاولة لإستحداث تغيير ما في أي موقع من مفاصل الدولة مهما كانت كبيرة أو صغيرة.

واللافت في هذه الهمروجة الانتخابية المتفلتة من أية ضوابط والتي تضرب مضامين قانون الانتخاب خصوصا تلك المادة المتعلقة بسقف الانفاق الانتخابي في عرض الحائط، افتقار هيئة الاشراف على الانتخابات إلى الصلاحيات اللازمة لوضع حدٍّ لهذا الانفلات الحاصل لا سيما لجهة التراشق الكلامي وتجاوز الحد المالي، مما يطرح موجبات تأليفها وصلاحياتها على بساط البحث،كون أن تعاملها مع الواقع الحالي يطرح التساؤلات حول جدوى وجودها ما دامت لا تملك القرارات الملزمة للسياسيين.

وفي اعتقاد مصادر متابعة ان هيئة الاشراف على الانتخابات هي لزوم ما لا يلزم ما دامت مقيدة الصلاحيات وليس لديها المقدرة على اتخاذ أي قرار بحق أية جهة سياسية تخالف قانون الانتخاب ويشكل سلوكها خطراً على الوحدة الوطنية والاستقرار العام، ويختصر عملها على توجيه اللوم والانذارات لبعض وسائل الإعلام التي يقتصر عملها على نقل المشهد الانتخابي للرأي العام، معتبرة ان وجود هذه الهيئة بهذا الشكل يُؤكّد انها ما كانت لتشكل لو كان عملها يشكل خطرا على القوى السياسية الموجودة، وقد عبرت سليفانا لقيس التي استقالت من عضوية هذه الهيئة عن واقع هذه الهيئة التي تحوّلت إلى شاهد زور على ما يجري من مخالفات من دون ان تملك القدرة في اتخاذ القرار.

وفي تقدير هذه المصادر ان العلَّة لا تكمن في ضعف هيئة الاشراف على الانتخابات بقدر ما تكمن في التركيبة السياسية الموجودة والتي تمنع حصول أية متغيرات نحو الأفضل ما دام ذلك يتعارض ومصالحها الخاصة.