IMLebanon

خطّة الكهرباء لا معلّقة ولا مطلّقة وتعديلاتها ملتبسة

 

الأرجح أنّ ثقة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، كما وزراء الثنائي الشيعي، بوزير الطاقة وليد فياض قد تعرّضت لخضّة غير عابرة بعد تقديمه خطّة للكهرباء، تبيّن أنّها مجرد نسخة منقّحة عن الخطط التي سبق لـ»التيار الوطني الحرّ» أن عرضها، بواسطة الوزراء جبران باسيل، سيزار أبي خليل وندى البستاني، ولم تلق آذاناً صاغية، لكونها تبيع اللبنانيين سمكاً بالبحر… وتبقيهم أسرى الخلاف حول جنس ملائكة المعامل: مع معمل سلعاتا أو من دونه! خصوصاً أنّ فياض لا يتردّد في الدفاع عن ضرورة إنشاء ثلاثة معامل إنتاج للطاقة.

 

لا تزال أصداء السجال الذي وقع بين ميقاتي وفياض خلال جلسة تقديمه النسخة الإنكليزية، والذي انتهى بضرب رئيس الحكومة يده على الطاولة بعد نسفه كل مضامين الخطة التي تولى وزير الطاقة عرض عناوينها على الوزراء، تذكّر بأنّ خطّة فياض لن تمرّ بمجلس الوزراء إذا لم تشهد تعديلات جذرية تجعلها قابلة للتطبيق.

 

ولهذا أحيلت الخطة إلى لجنة وزارية برئاسة ميقاتي الذي يصرّ على متابعة هذا الملف بدقائقه، خصوصاً أنّ في جيبه خطّة رديفة أعلن عنها مع انطلاق حكومته أمام المجلس الاقتصادي-الاجتماعي، وهي «تؤمّن 2000 ميغاواط كهرباء إضافية ما يتيح التغطية الكهربائية الكاملة في لبنان بكل ما للكلمة من معنى. وفي هذا الملف، نحن بصدد استكمال 3 خطوات أساسية هي إنجاز القوانين اللازمة، وقد بوشر إعدادها، إقرار نوع العلاقة بين الشركة الجديدة ومؤسسة كهرباء لبنان، والجهة التي ستتولّى إدارة هذا المشروع. لقد عرضنا هذا المشروع على العديد من المؤسسات الدولية، وخصوصاً البنك الدولي، وطلبنا مشاركة دولية فيه، والموضوع أصبح في حكم المنتهي وسيتم عرضه قريباً».

 

ومع أنّ ميقاتي لم يفصح يومها عن مضامين هذا الحلّ وكيفية تنفيذه، إلّا أن ما تسرّب يشي بأنّ الطرح يقوم على أساس ركيزتين: بناء معامل على الغاز حيث تتولّى شركات أجنبية هذه المهمة من ألفها إلى يائها بمعنى البناء والإدارة، أما التمويل فيكون وفق برنامج مالي يفتح الباب أمام مشاركة بين القطاعين العام والخاص، على أن يتمّ استخدام الأموال التي حصل عليها لبنان من صندوق النقد الدولي بالتوازي مع تحويل ستة مليارات دولار بنكي من الودائع، إلى مليار ونصف المليار من الدولار الطازج التي يوفرها مصرف لبنان من الاحتياطي الموجود لديه.

 

ولهذا تبدو خطة فياض وكأنّها باتت في مهبّ الريح خصوصاً إذا بقي الخلاف قائماً حول التعديلات المقترحة من جانب رئاسة الحكومة، والتي تتضمّن العناوين الآتية:

 

– الإشارة وبشكل واضح إلى وجوب تطبيق القانون رقم 462 تاريخ 2/9/2002 (تنظيم قطاع الكهرباء) بشكل فوري لا سيّما في شقّه المتعلّق بتشكيل الهيئة الناظمة وتسمية أعضائها… وقد سبق لرئيس الحكومة أن قال في مقابلة تلفزيونية ردّاً على سؤال حول مصير الهيئة الناظمة لإدارة قطاع الكهرباء: «ثمة أمور أستطيع القيام بها وأخرى لا أستطيع. على سبيل المثال ثمة شروط إصلاحية أنجزت ومنها قانون الشراء العام، إلا أنّه بالنسبة للهيئة الناظمة التي ينصّ عليها القانون 431 تاريخ 2002، فثمة اقتراح مقدم من «تكتل لبنان القوي» لتعديل مهام الهيئة الناظمة ودورها لتكون أشبه بمجلس استشاري ما يؤدي إلى فقدانها رونقها، وهذا الاقتراح مقدّم من الفريق العوني، ولذا يرفضون تشكيل الهيئة قبل النظر بصلاحياتها، بينما المواطن يريد كهرباء، وأنا في الوقت الحاضر أريد أن أؤمّن الكهرباء».

 

– إعداد مشروع قانون يبيّن التعديلات المقترحة على القانون 462 مع جدول مقارنة وبيان الأسباب الموجبة.

 

– وضع مؤشر لتحديد التعرفة وزيادتها على ألّا تسري هذه الزيادة إلّا بالتزامن مع تحسين الإنتاج وزيادة ساعات التغذية بالتيار الكهربائي.

 

– وضع خطّة لتحسين الجباية لا سيّما من خلال استعمال العدّادات الذكية.

 

– إعداد دفتر الشروط اللازم للإعلان عن مناقصة بحسب الأصول وتهدف إلى تحسين الشبكة وإنتاج 2000 ميغاواط.

 

وبالفعل عقدت اللجنة اجتماعين كان يفترض أن ينتهيا إلى تفاهم بين مكونات الحكومة لوضع التعديلات أمام مجلس الوزراء، اليوم الجمعة، قبل تعديل الخطة وعرضها من جديد على مجلس الوزراء لإقرارها. وكل ذلك تحت وطأة ضغط البنك الدولي الذي دخل على الخطّ من خلال إصراره على إقرار خطّة تتضمّن شروطه الأساسية، لكي تتمّ الموافقة على القرض الذي سيقدّم للبنان لتمويل استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر.

 

وقد أعلن المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في البنك الدولي ساروج كومار جا، إثر لقائه ميقاتي، «بأنّنا نرغب برؤية تبنّي خطة للكهرباء في أسرع وقت ممكن، لأنّها شرط أساسي للبنك الدولي من أجل تأمين التّمويل لقطاع الكهرباء».

 

ولهذا، بدا موعد جلسة اليوم متوقفاً على اتصالات أجراها رئيس الحكومة مع مسؤولي البنك الدولي الذين يصرّون على أن تكون جلسة مجلس الوزراء حاسمة في تبنّي الخطة، في محاولة لتأجيل الجلسة إلى موعد جديد والعمل في المقابل للتفاهم على التعديلات، حيث تشير المعلومات إلى أنّ تقدمّاً حصل بين الوزراء ولكنه لم يقارب التفاهم بسبب الالتباس حول حقيقة تبنّي الخطة التعديلات كما هي مطروحة.