IMLebanon

قطاع الكهرباء نقطة ضعف الاقتصاد «الإسرائيلي» 

 

مليارات الدولارات خسائر يوميّة في حال فتحت حرب واسعة

 

تعيش منطقة الشرق الأوسط هاجس حرب إقليمية محورها «إسرائيل»، حيث يخشى المحللون السياسيون من توسّع الحرب في جنوب لبنان، لتشمل دولا إقليمية أخرى منها إيران وسوريا واليمن وقبرص… والذهاب إلى حرب إقليمية بهذا الحجم له تداعيات كارثية على كل دول المنطقة بدون استثناء ، وبالتحديد الاقتصاد «الإسرائيلي» الذي سيُسجّل أكبر خسارة من ناحية القيمة، نسبة إلى الاقتصادات الإقليمية الأخرى.

 

يبلغ الناتج المحلّي الإجمالي «الإسرائيلي» 509 مليار دولار أميركي (2023) وشهد نسبة نمو في العام 2023 بلغت 2%. ويُشكّل القطاع الخدماتي 69.5% من هذا الاقتصاد مقارنة بـ 26.5% للقطاع الصناعي و2.4% للقطاع الزراعي. ويُعتبر القطاع التكنولوجي القطاع الأساسي في الاقتصاد «الإسرائيلي» ويضم الطيران، الاتصالات، البرمجة، الكمبيوترات، الفضاء، السلاح العسكري، الأدوات الطبّية والألياف الضوئية. ويأتي قطاع الصيدلة في المرتبة الثانية، والصناعات الحديدية في المرتبة الثالثة. وبلغت صادرات العدو الاسرائيلي 166 مليار دولار أميركي في العام 2022، نصفها من القطاع التكنولوجي.

 

والعنصر المشترك بين كل هذه القطاعات هو اعتمادها على القطاع الكهربائي، الذي يشكّل حجر الزاوية الأساسي لهذه القطاعات ، حيث قامت الحكومات المتعاقبة بتطويره بشكل كبير، وعدّلت في استراتيجية الكيان الحرارية، خصوصًا بعد اكتشاف حقول الغاز مقابل شواطئ فلسطين المحتلّة. وأصبح الاقتصاد العبري قادراً على تلبية كافة احتياجاته من الطاقة، بعدما كان يعتمد بشكل حصري على الاستيراد. وطوّر الكيان قطاعه الكهربائي لدرجة أصبح يعتمد على الغاز الطبيعي بنسبة 66%، وبنسبة 7% على الطاقة المتجدّدة، والباقي على الفحم وأنواع أخرى من الوقود.

 

ومن أهمّ المعامل الكهربائية في الأراضي المحتلّة «أوروت رابين» في الخضيرة، وهو يعمل على الفحم، «روتنبرغ» في عسقلان (على الفحم)، «هاجيت» في الياكيم (غاز طبيعي)، «رمات هوفاف» (غاز طبيعي)، «اشكول» في أشدود (غاز طبيعي)، «حيفا» (غاز طبيعي)، «جيزر» في الرملة (غاز طبيعي)، «تزافيت» في كريات ملاخي (غاز طبيعي وديزل)، محطة «ريدينغ» للطاقة في «تل أبيب»…

 

وبحسب التوقّعات فإن أي استهداف لهذه المعامل، سيؤدّي إلى قطع الكهرباء عن قسم كبير من «إسرائيل»، وهو ما سيؤدّي إلى وقف إلزامي للقطاع الصناعي والقطاع الخدماتي، وستكون تداعياته على الاقتصاد كارثية من ناحية أن الخسائر ستكون بحدود 1.4 مليار دولار أميركي في النهار الواحد!

 

والظاهر من التصريحات التي صدرت عن المسؤولين «الإسرائيليين» أن «إسرائيل» لا تملك أي استراتيجية لمنع ضربات حزب الله على هذه المعامل، خصوصا أن القبّة الحديدية أظهرت ضعفها أمام مسيرّات وصواريخ حزب الله خلال الأشهر الثمانية المنصرمة. في الواقع الجواب الوحيد الذي يملكه العدو ، هو تهديد لبنان بضرب قطاع الكهرباء وبناه التحتية، وهو ما فعله خلال عدوان تمّوز 2006.

 

الخسائر الآنفة الذكر ، هي خسائر غير مباشرة على الاقتصاد، ولم نأت بالذكر على الخسائر المباشرة الناتجة من الإنفاق العسكري ومن الدمار في البنى التحتية. وإذا كانت تقديراتنا لكلفة الإنفاق العسكري «الإسرائيلي» اليومي في الحرب تفوق الـ 500 مليون دولار يوميًا، إلا أنه وفي ظلّ فرضية حرب شاملة ستفوق هذه الكلفة مليار دولار أميركي يوميا، خصوصا مع الكمّ الهائل من الصواريخ المتوقّع سقوطها على «إسرائيل» من قبل حزب الله وحلفائه.

 

أمّا الدمار في البنى التحتية «الإسرائيلية»، فهو رهن عدد الصواريخ التي سيتمّ إطلاقها على «إسرائيل» من قبل حزب الله وحلفائه، وقدرة القبة الحديدية على التصدي لهذه الصواريخ. والتقديرات تُشير إلى أن الاحتمال الأكبر أن تتخطّى مئة مليون دولار يوميا، وهذا الرقم لا يشمل الخسائر التي قد تنتج من ضرر، قد يُصيب منصات استخراج الغاز من الحقول البحرية مقابل الشواطئ الفلسطينية. أضف إلى كل ما تقدّمنا به الخسائر التي تلحق بالموازنة «الإسرائيلية» مع كل يوم حرب إضافي، والتي ستزيد إذا توسّعت الحرب.

 

مع كل هذه المعطيات، هل سيتجرأ العدو ويقوم بتوسيع الاعتداء على جنوب لبنان؟ المعطيات المتوافرة تشير إلى أن قسما من المسؤولين «الإسرائيليين» بمن فيهم نتنياهو يميلون إلى هذا الخيار، إلا أن هناك وعيا لدى قسم آخر من الكيان للأضرار التي ستنتج من هكذا عدوان، وبالتالي يطالبون بتسوية مع حماس تنسحب تلقائيا على لبنان.

 

بالطبع، الخسائر على لبنان ستكون كبيرة جدا نسبة إلى الناتج المحلّي الإجمالي، وهذا أمرٌ مسلّم به، لكن لبنان يملك ورقة لمصلحته، وهي النزوح السوري الذي يلجم شهية الأوروبيين على توجيه ضربة إلى لبنان، وورقة أخرى هي الانتخابات الأميركية التي تضع بايدن في موقف صعب على مسافة أسابيع من بدء الانتخابات.

 

لا يسعنا في الختام إلا القول ان ما يخرج على لسان المسؤولين «الإسرائيليين» هو الخوف من الرد الإيراني – واستطرادا اليمني، الذي أصبح يشكّل عنصر قلق كبير للكيان بحكم قدرة الصواريخ الحوثية على الوصول إلى عمق الكيان. وعليه، لا يخفى على أحد أن العدو يخشى الدخول في هذه الحرب، ولولا كل العوائق التي سبق وذكرناها لكانت «إسرائيل» بدأت عملياتها منذ فترة.