IMLebanon

القضاء على الحراك بات ملحاً؟

يبدو أن الحراك المدني الذي انطلق في أبهى حلة بات مزعجاً لكثيرين، فاستوجب وضع حدّ له. وأمسى في ظل هذه الظروف القضاء عليه سهلا، في إحباط مشروع رفض مدني لبناني، وإن اتخذ أخيراً لباساً شيوعياً، إلا أنه لبناني ولا صحة لكل ما يقال عن أجهزة ودول تحركه، لأن في ذلك حجة للضعيف وغير القادر على المواجهة والرد.

الحراك المدني في انطلاقته محق مئة في المئة، ومن أراد إلباسه لبوس “حزب الله” فشل تماماً، إذ أن “تيار المستقبل” أيده، ومن أراد تحميله لقطر فشل أيضاً بنفي كل المرجعيات اللبنانية تلك العلاقة، ومن أراد تصويره حركة أميركية لم يُصب أيضاً، لأن مشاركة شبان محدودي العدد في ورشات عمل ممولة من برامج أميركية، لا تجعل من هؤلاء عملاء للامبريالية، وإن كانوا يفتحون عقولهم وأذهانهم على مبادرات تغيير.

أما الازعاج الذي صار يسببه الحراك فيجمع كثيرين تلتقي مصالحهم للقضاء عليه، ويمكن أن يكون قد بدأ يسلك طريق النهاية الدراماتيكية، في ظل المشهد المأسوي الذي شاهدناه أمس وقبله على ضفتي الحراك.

في ضفة المعترضين والمتظاهرين، مشاهد مقززة من الشعارات والحركات البذيئة، وإقفال الطرق على مواطنيهم، وعبارات متلفزة لا تليق بأحد، بل تخيف المتعاطفين مع الحراك من إمكان وصول هؤلاء الى مواقع مسؤولة، لأنهم يبدون في صورة أسوأ من الحكام الحاليين، ولهم تصرفات أكثر ميليشيوية، وتنقصهم الخبرة والرؤية والرؤيا، فشعارات إسقاط النظام وحل المجلس واستقالة الحكومة من دون التفكير ببدائل، تصير ضرباً من اللاواقعية، كما اتهام الوزراء والنواب والمسؤولين بأنهم “حرامية” من دون استثناء يصير ضرباً من الاعتداء المعنوي والأدبي، ولا يؤسّس لمشروع بديل.

في الضفة الثانية، انزعاج، بل انزعاجات. السياسيون الفاسدون منزعجون لأن الحراك عرّاهم، وبدأ يكشف عن الكثير من الفضائح التي يرتكبونها من دون ادنى محاسبة. الأحزاب السياسية متضايقة لأن أفراداً يسحبون البساط من تحت أقدامها، ويكيلون لها الشتائم. أرباب الطوائف يرتابون من الدعوة الى إسقاط النظام وضرب امتيازاتها. التجار وأصحاب المصالح في وسط بيروت بلغوا الحد الاقصى من الضرر اللاحق بهم، ما يؤثر على مجمل الوضع الاقتصادي في البلاد وينعكس سلباً على الرأي العام. القوى الأمنية باتت متضايقة لأنها تتعامل برفق مع المتظاهرين (ما عدا يوم أمس) من دون أي تقدير لعملها، بل تتلقى كل أنواع الشتائم والإهانات. الناس في منازلهم باتوا يتخوّفون من أعمال شغب ومخطّط تخريب، ويستاؤون من النقل التلفزيوني المباشر الذي لا يراعي حرمة بيوت وعائلات ويفتح هواءه للزعران. أهالي بيروت متضايقون ومتخوّفون من ضرب مدينتهم. السنّة باتوا يرون في الحراك انتقاماً شيعياً من الحريرية السياسية…

إذا تلاقت كل هذه الأسباب والاعتبارات، فكيف يمكن للحراك ان يستمر؟