بدأت موازين القوى تنقلب، والجيش اللبناني الذي كان في ما مضى في موقع الدفاع، بات اليوم في موقع الهجوم لاسترداد أرض من الإرهابيين، وهي ليست بالمساحة السهلة إذ تصل حدودها الى ما يقترب من 150 كيلومترا.
تنظيم داعش يتقهقر على يد الجيش اللبناني. الحدث ليس بسيطًا على الإطلاق، فهذا التنظيم الإرهابي الذي كان أعلن دولته بين العراق والشام، وروَّع نصف الكرة الارضية بالمتفجرات وعمليات الطعن والدهس، وليس آخرها ما حصل في اسبانيا، هذا التنظيم ذاته يتلقى الضربات تلو الضربات في الجرود الشرقية للبنان، ومَن يدري؟ فقد تكون إحدى نهاياته في لبنان.
***
الجيش اللبناني، وبعد اسابيع من التحضيرات والجهوزية، حدد ساعة الصفر فجر 19 آب 2017، وكانت الانطلاقة للرصاصة الاولى في تغريدة لقائد الجيش عبر الحساب الرسمي للجيش اللبناني على تويتر، وقال فيها:
باسم لبنان والعسكريين المختطفين ودماء الشهداء الأبرار، وباسم أبطال الجيش اللبناني العظيم، أطلق عملية فجر الجرود.
هذه الجرود التي تتضمن جرود رأس بعلبك والقاع، ومنها اتخذ ارهابيو داعش نقطة انطلاق سواء في اتجاه الداخل اللبناني او الداخل السوري.
ولم تكد المعركة تنطلق حتى توجَّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى قيادة الجيش واجتمع في غرفة العمليات مع قائد الجيش ورئيس الأركان اللواء الركن حاتم ملاك، وأجرى اتصالا هاتفيًا بقائد الجبهة في الجرود العميد فادي داوود، ومن خلاله توجه الى الضباط والعسكريين قائلاً: أنا معكم، أتابعكم من غرفة العمليات، عقلنا وقلبنا معكم. أحييكم ولبنان بأسره يتطلع إليكم، وينتظر منكم تحقيق الانتصار.
***
المعركة مستمرة، وهي في يومها الثالث اليوم، وقد ظهرت فيها المعطيات التالية:
هناك التفاف كبير حول الجيش اللبناني باعتباره المؤسسة التي تحظى بالإجماع في ادائها.
الملاحظة على هامش بدء المعركة: هل من قبيل المصادفة ان المعارك اندلعت في مخيم عين الحلوة بالتزامن مع اندلاع معركة تحرير الجرود؟ لا يختلف اثنان على ان ما يقوم به البعض في مخيم عين الحلوة يهدف إلى الهاء الجيش اللبناني عن اولوية تحرير الجرود، لكن وفق المعطيات فإن الجيش اللبناني استطاع تطويق ما يجري في عين الحلوة لعدم حرف الأنظار عما يجري هناك.
***
كيف ستواكب السلطة السياسية معركة الجرود؟
الجيش اللبناني حائز على الغطاء السياسي من السلطة التنفيذية، والتطورات هذا الاسبوع ستتم على وقع الضربات في الجرود، إلى ان تنتهي العملية التي يُقدَّر لها ان تُنجَز في خلال اسبوع، وذلك بحسب ما تكون عليه ردة فعل إرهابيي داعش سواء استسلامًا او انسحابًا، مع طرح السؤال الاساسي: إلى أين يمكن ان ينسحبوا؟ فهم مجموعات منقسمة الى ثلاثة اقسام ليشكلوا نحو 600 ارهابي موزعين على 47 مركزًا.
***
تنظيم داعش، بعد تحرير الجرود، لن يكون كما قبل التحرير، إنها بداية نهايته.