نشط الكلام اخيرا على ان هناك حلا قريبا جدا للازمة السورية يقوم على اساس ازاحة الرئيس بشار الاسد ووضع حد لحكمه الذي دمر سوريا وقضى على اكثر من مئتي الف انسان في حرب مدمرة. واللافت ان هذا الكلام صدر بالتزامن مع اجتماعات روسية اوروبية – اميركية ما اوحى صراحة ان الاسد في طريقه الى المنفى وان المعارضة في طريقها الى حكم سوريا بالتفاهم مع المجتمع الدولي الذي اخذ حريته في اعلان قرب انتهاء نظام الاسد من غير ان يصدر عن الروس ما ينفي تركيبة الخلاص، بعكس مما قاله وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف بعد محادثاته مع نظيره اللبناني حيث نفى الاول وجود اي اتفاق بين المشاركين في محادثات فيينا حول ابعاد الاسد عن التسوية المرتقبة في سوريا؟!
كما اعرب الوزير الروسي عن امله في اطلاق العملية السياسية في كانون الثاني المقبل نافيا كل ما تردد عن ازاحة الاسد، خصوصا ان فترة الشهرين تحتاج الى سلسلة محادثات مع الاميركيين والاوروبيين، فيما لم يقل احد على لسان موسكو مباشرة او مداورة ان الاسد قد شارف على النهاية فيما تردد ان بعض الشركاء قدموا افكارا بشأن ابعاد الاسد لكنها لم تحظ بالاجماع خلال محادثات فيينا.
والجديد في هذا الصدد ان الوزير الروسي قد اشار الى «تعديل في مواقف بعض شركائنا الاوروبيين – الغربيين» مضيفا ان هذا التطور «جاء للاسف الشديد بثمن باهظ ناتج عن هجمات ارهابية مروعة. وفي اعتقاد لافروف ان على الشركاء الذين يبحثون عن حل في سوريا، من المستحيل عليهم اطلاق حرب حقيقية ضد داعش في وقت يفكرون فيه في ازاحة الاسد وتابع انه يعول على وضع حد لهذه المسألة قيد الجدية؟!
وتقول مصادر مراقبة ان موقف موسكو جرى تفسيره بغير ما قصده الروس الذين دعوا الى توحيد الصفوف في محاربة الدولة الاسلامية وما لفت اليه لافروف ترك انطباعا بوجود تغيير في موقف الروس لاسيما عندما قال ان اطلاق العملية السياسية في سوريا يتطلب مشاركة قوى من المعارضة كما اشار الى ان وقتا طويلا قد مر على مثل هكذا اقتراح سبق لواشنطن ان رفضته وهي تصر على ان لا حل في ظل وجود الاسد في الحكم كما امل الوزير الروسي في ان لا تستغرق الفكرة وقتا طويلا طالما ان هناك استعدادا سياسيا لتحريك عجلة السلام بالتفاهم مع قوى المعارضة.
وسبق للكرملين ان اعلن ان مكافحة داعش هدف استراتيجي موحد لموسكو وواشنطن على رغم وجود خلافات تكتيكية بينهما نافيا تغيير مواعيد العملية الروسية في سوريا، لاسيما بعد تأكيده تفجير الطائرة الروسية في مصر خصوصا ان موسكو رأت في اسقاط الطائرة ومقتل ركابها وطاقمها اعتداء يتطلب استخدام جميع الوسائل المتاحة للدفاع عن نفسها (…)
والجديد في الموضوع الارهابي، ان لافروف اكد ان تشكيل جبهة واسعة لمواجهة هذا الملف يمثل مهمة ذات اولوية، بموازاة دفع العملية السياسية في سوريا الى الامام بمراعاة المبادئ التي اتفق عليها المشاركون في اجتماعات فيينا (…)
وعلى هذا الاساس ربما يمكن القول تكرارا ان ما صدر عن لافروف لم يقصد قرب نهاية حكم الاسد، حيث لا مجال ايضا للقول ايضا ان البحث مع شركاء عملية السلام قد يصل الى ازاحة الاسد في موعد اقصاه نهاية كانون الثاني المقبل، وهذا من ضمن التمني السياسي لبعض المعنيين الذين لا علاقة لهم بالواقع الحربي والسياسي في المنطقة، لاسيما ان ايران لا تزال تراهن على صلابة الموقف السوري ولا يعقل ان يكون موقف موسكو مختلفا بعدما وظف الروس ثقلهم في الحرب وفي تعزيز قدرات سوريا العسكرية والاقتصادية منذ اكثر من ثلاث سنين بعكس كل ما تردد ويتردد في الغرب من اخبار عن قرب نهاية نظام الاسد (…)
ولجهة النكتة التي اطلقها وزير خارجيتنا جبران باسيل خلال محادثات مع لافروف قوله ان «لبنان قد نأى بنفسه عن الحرب السورية»، ربما لان معاليه لم يعرف الى الان ان حليفه حزب الله ضالع في الحرب السورية حتى رأسه من غير حاجة الى من يدله على ذلك طالما انه يجاهر بذلك بحسب معرفة الجميع ومن بينهم روسيا (…)