IMLebanon

نهاية الحقبة الأميركية في المنطقة ؟

هل نشهد الآن بداية نهاية الحقبة الاميركية في الشرق الاوسط؟ قبل سبع سنوات وعد الرئيس أوباما ببداية جديدة مع العالم الاسلامي، وذكّرنا بأن بعض افراد عائلته هم مسلمون، وألقى خطباً بليغة في انقرة والقاهرة، وحاول فتح صفحة جديدة مع ايران وسوريا، وسعى الى إحياء المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية بعد التمهيد لها بتجميد للاستيطان الاسرئيلي. لكن التجارب المرة والامتحانات الصعبة التي واجهها في السنوات السبع الاخيرة اوصلتنا اليوم الى وضع جديد لم تجد الولايات المتحدة نفسها فيه منذ ان بدأت “اللحظة” الاميركية في المنطقة المتعارف على تسميتها الشرق الاوسط بعد الحرب العالمية الثانية.

اليوم علاقات واشنطن مع حلفائها واصدقائها التقليديين في السعودية وتركيا ومصر واسرائيل إما فاترة وإما متوترة أو مرشحة لمزيد من التوتر. ثقة حكومات هذه الدول بإدارة الرئيس اوباما متدنية للغاية، وبعضها اضطر الى اتخاذ اجراءات عسكرية وسياسية ربما ساهمت قصداً أو من غير قصد في تأزيم أوضاع المنطقة، وهذا يعود الى حد كبير الى ما تعتبره هذه الدول غياب القيادة الاميركية. عندما اكتشف أوباما في ولايته الاولى ان اسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو ستعارض بقوة دعوته الى تجميد الاستيطان، وعندما لم تتعاون طهران ودمشق معه كما كان يأمل، وعندما فاجأته رياح الانتفاضات العربية وفرضت عليه التخلي عن حسني مبارك صديق واشنطن القديم في القاهرة، أدرك ان مشاكل المنطقة وأزماتها سوف تتطلب الكثير من جهوده ووقته وان التأثير على التطورات على الارض يتطلب أكثر من القاء الخطب الجميلة، انسحب تكتيكياً من المنطقة ليركز على أولوياته الداخلية الملحة، أي معالجة الازمة الاقتصادية الضخمة التي ورثها من سلفه جورج دبليو بوش، ولإقرار خطته المحورية للرعاية الصحية.

في ولايته الثانية، فوّض اوباما الى وزير خارجيته جون كيري محاولة احياء المفاوضات بين الفلسطينيين واسرائيل، وجدد بمزيد من الزخم بعد انتخاب حسن روحاني رئيسا لايران المفاوضات السرية مع طهران، والتي تحولت لاحقاً مفاوضات دولية أدت الى الاتفاق النووي مع ايران. مفاوضات السلام التي لم يدعمها اوباما بقوة وصلت الى طريق مسدود. لكن الحرب السورية هي التي كشفت بشكل نافر رغبة أوباما في تقليص الدور الاميركي في الشرق الاوسط للتحول الى شرق آسيا المنطقة الاهم اقتصادياً واستراتيجياً. اوباما اضطر الى العودة عسكرياً بشكل محدود الى العراق لئلا يجازف بالانهيار الكامل لاستثمارات أميركا البشرية والمادية هناك. كل اجراءات أوباما في سوريا كان هدفها ادارة النزاع وشراء الوقت وليس حله. وكل هول المأساة السورية لم يدفعه – ولن يدفعه – الى تعديل موقفه منها. اوباما اليوم يشرف على إنهاء الحقبة الاميركية في الشرق الاوسط.