Site icon IMLebanon

نهاية محور الممانعة  أم ممانعة بصيغة جديدة ؟

الرئيس حسن روحاني يتعهد في رسالة الى المرشد الأعلى علي خامنئي إحباط أي محاولة تغلغل للأعداء في البلاد. وهو أمر ركز عليه ولي الفقيه بعد الاتفاق النووي وقبل بدء تنفيذه رسمياً ورفع العقوبات عن ايران. إذ أكد اننا لن نسمح بالتغلغل الاقتصادي الأميركي ولا السياسي ولا الثقافي. واعتبر ان التغلغل الاقتصادي والأمني للبلاد خطير وله مضاعفات ثقيلة، لكن الاختراق السياسي والثقافي المعادي أخطر بكثير. وهذا يناقض رهان روحاني على الاتفاق ورفع العقوبات لتحسين الوضع الاقتصادي الايراني عبر الانفتاح على العالم والسعي لجذب الاستثمارات الخارجية. لا بل يضع علامة استفهام على مفاخرة روحاني بأن ايران باتت اللاعب الرئيس في المنطقة متكلة على أذرعها القوية وقدراتها الدفاعية والسياسية والاقتصادية والديبلوماسية.

ذلك أن الاتفاق النووي ليس مجرد نموذج لنجاح قوة الديبلوماسية في سد كل الطرق على امتلاك ايران لسلاح نووي، على حد ما تباهى به الرئيس باراك أوباما وهو يعلن فرض عقوبات جديدة. فهو تعبير عن قوة زلزال سياسي أحدثته حسابات استراتيجية وضرورات براغماتية بعد عقود من العداء بين الشيطان الأكبر الأميركي ومحور الشر الايراني. وهو يفتح صفحتين جديدتين، لا واحدة، والا صار حدثاً عابراً في التاريخ بدل أن يكون جزءاً من صنع التاريخ: صفحة ذهبية في تاريخ ايران، كما قال روحاني، وصفحة محورية في مستقبل التعامل الأميركي مع المنطقة على طريق الانفتاح بين واشنطن وطهران.

والسؤال في المنطقة والعالم هو: ماذا تفعل ايران الخارجة من العقوبات بعشرات مليارات الدولارات التي كانت محجوزة؟ هل تزيد الانفاق على تحسين ظروف الحياة ومعاودة التنمية الاقتصادية أم على المزيد من التسلح وتمويل النفوذ الاقليمي؟ طهران تقدم أكثر من جواب مختصرها العمل على الخطين معاً: خط التنمية الاقتصادية وخط تنمية النفوذ أو أقله الحفاظ عليه في معارك دفاعية؟ وعواصم الغرب الأميركي والأوروبي، كما موسكو وبيجينغ، ترى الفرص أمامها مفتوحة في سوق كبيرة متعطشة للاستثمار والانفاق على السلع الاقتصادية وحتى على الأسلحة المتطورة.

لكن ما يحدد الجواب هو جواب عن سؤال آخر: ماذا وراء بعض التشدد لدى خامنئي وأوباما؟ كلام استهلاكي لإرضاء القوى المتشددة في كل من ايران وأميركا وتمرير مرحلة التحول من العداء الى التفاهم أم تعبير عن مصاعب حقيقية أمام تطوير العلاقات؟ اذا كانت الحاجة الى الانفتاح أقوى من ضرورات الانغلاق ومصالح أصحابه، فإننا على الطريق الى نهاية محور الممانعة. واذا كان مردود العداء بالخيار أكبر من مردود الانفتاح بالاضطرار، فإن أمامنا صيغة جديدة لمحور الممانعة.

والوقت أفضل مستشار.