Site icon IMLebanon

إنتهى عهد الإصطفافات الرمادية؟

 

قد يصحّ القول بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري أنّ التسويات سَقطت جميعُها، بما فيها الاتفاقات وورقات النوايا، وأسقَطت بطريقها المناقصات والتلزيمات الحكومية، فيما أجبَرت تلك الاستقالة عودةَ الأقطاب إلى تموضعِهم الأوّلي الأصلي، إذ لم يعُد مسموحاً البقاءُ في قوقعةِ الاتّفاقات التي فرَضها وجوبُ انتخاب رئيسٍ للبلاد.

تقول مصادر مطّلعة إنّ التسوية التي أتَت برئيس البلاد انتهى مفعولُها بعد استقالةِ الحريري من الرياض وظروفِ استقالته وتوقيتها، وتؤكّد أنّ الاستقالة ثابتة ولا رجوعَ عنها تحت أيِّ ظرف، على رغم كثرةِ الأسرار المتشعّبة التي تكتنفُها.

إنّما على الصعيد الداخلي، فتُشدّد المصادر على أنّ ربطَ النزاعِ الذي اعتمدته أغلبية الأطراف السياسية في لبنان وجعَلته نمطاً سياسياً في مسيرتها الجديدة، انتهت صلاحيتُه بعد هذه الاستقالة.

وتُذكّر بواقع العلاقة بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» التي كانت قد بدأت تتقطّع أواصرُها علناً نتيجة الحسابات الوزارية، إنّما غير المعلن عنها كانت الحسابات الداخلية الأخرى التي لوَّحَ بها «حزب الله» للحدّ مِن أواصِر العلاقة القواتية – العونية.

وتوضح المصادر أنّه عندما وُقّع تفاهُم معراب تهيَّأ لكلّ الأقطاب السياسيين المراقبين أنّ هذا الاتفاق سيُلغي الجميع لأنّه بدأ قويّاً بعدما حاوَل الفريقان الإيحاءَ بأنّهما سيضعان أيديَهم على الساحة المسيحية، لكنّ البعض «لجَم قيادة التيار العوني ليسأله إلى أين أنتم ذاهبون؟

وطُلب منه الحدُّ من تحالفه و«القوات»، محَذّراً من التقدّمِ خطوةً أكثر في هذا الاتفاق، الأمر الذي دفعَ بـ«التيار» إلى شدِّ حبالٍ مع «القوات اللبنانية» والاكتفاءِ بما حقّقته ورقة النوايا، أي الإتيان برئيس جمهورية».

وتشير المصادر إلى أنّ هذا السبب كان مِن أبرزِ الأسباب التي جعَلت رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل يبتعد عن «القوات اللبنانية»، وليس هناك مِن أسباب أهمّ. إلّا أنّ ما حصَل اليوم، تضيف المصادر، هو أكبرُ مِن استقالة داخلية، إنّه استقالة استراتيجية سياسية تفرضُ على الجميع عدم المسايرة والاصطفاف العميق، وهذا الاصطفاف العميق سيقود «التيار الوطني الحر» إلى الوقوف مع «حزب الله» حليفِهم الأصلي، والاصطفاف نفسه سيقود «القوات اللبنانية» إلى الوقوف مع تيار «المستقبل» حليفهم السياسي الاستراتيجي الأصلي الذي معه رفضوا «حزب الله» وسلاحَه وطالبوا بالاستراتيجية الدفاعية وبقطعِ العلاقات مع سوريا، وبنتيجة ذلك سيَسقط تلقائياً تفاهُم معراب وستُعلَّق كلّ التفاهمات التي كانت تُحضَّر بين «القوات» وبقيّة الأفرقاء.

في المقابل، تضيف المصادر أنّ هذه الاستقالة ستطيح أيضاً بالاتفاقات بين الحريري وباسيل.

لكنّ مصادر قواتية أشارت إلى إنّها في مرحلةٍ وسَطية ما بين العودة إلى الاصطفاف القديم تحت العناوين القديمة الجديدة التي هي عناوين سيادية استقلالية لفريقَي «14 و8 آذار» كما العودة إلى الكلام السيادي وإلى العناوين التي عرَفها لبنان عام 2006 وصولاً إلى ما قبل حكومة الرئيس تمّام سلام من دون أن تُسقط التفاهمات التي حصلت «على الطريق»، لأنّ «القوات» ليست في واردِ عودةٍ إلى الوراء، تودي إلى عودةِ القطيعة بين المسيحيّين، كما أنّ الرئيس عون ليس في وارد العودة إلى القطيعة مع الشطر الآخر من المسيحيين، وكذلك «المستقبل» لا يريد القطيعة مع عون.
وتوضح المصادر «أنّنا عملياً عُدنا إلى الانقسام السياسي من دون القطيعة السياسية الكاملة».

من جهةٍ أخرى، تشير مصادر خارجية إلى أنّ إنذاراً شاملاً وصَل إلى جميع الأطراف ينبئهم أنّ السعودية باتت مجهّزةً لأمرٍ ما ليس بالضرورة فقط في اتّجاه «حزب الله» أو إيران فقط، بل حتى تجاه حلفائها.

وتكشفُ أنه في الوقت الذي سيَشهد لبنان إعادةَ تموضُعٍ والعودةَ إلى الحلبة رقم 1 يُحكى عن قرار اتُّخِذ بشأن إعادة إحياء الحراك المدني وتنفيذِ القرارَين 1559 و1701.

كما تكشفُ أنّ الاجتماعات التي تُعقَد راهناً في واشنطن بين المقرّبين من الرئيس دونالد ترامب تعمل على خطةٍ تَهدف لإعادة إحياء ثورة الأرز رقم (2)، وهي ستجمع الشملَ السياديَّ نفسَه ولكن بصورةٍ أشمل، حتى إنها ستُمثّل فئات شعبية، وهذا الحراك سيكون لديه تغطية سياسية شاملة.