Site icon IMLebanon

نهاية أزمة «أمن الدولة» … بداية اصلاحه؟

تخضع المديرية العامة لأمن الدولة لسلطة المجلس الأعلى للدفاع الذي يترأسه رئيس الجمهورية ويكون رئيس مجلس الوزراء نائباً للرئيس. ويضم المجلس وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمال والاقتصاد. صلاحيات الجهاز واسعة وشاملة بشكل لافت. اذ تشمل (بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 102 تاريخ 16/9/1983): جمع المعلومات المتعلقة بأمن الدولة ومراقبة الأجانب وعلاقة المواطنين بالجهات الأجنبية ومكافحة التجسّس والقيام بدور الضابطة العدلية.

وعلى المديرية وضع «تقارير دورية عن الوضع العام الأمني والسياسي» وايداعها المجلس الأعلى للدفاع.

المدير العام الجديد لجهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا أعلن الخميس الفائت، في اطلالته الإعلامية الاولى، «بداية عهد جديد في المديرية»، مؤكداً ان «الصفحة الماضية اصبحت وراءنا». وأشار الى ان عمل المديرية مع تسلمه ونائبه العميد سنان مهماتهما «أصبح طبيعياً والموازنات مؤمّنة والتعاون قائم ومتين بين كافة الاجهزة الأمنية».

هذا الإعلان مطمئن لجهة حلّ أزمة المحاصصة المذهبية والسياسية التي كانت تعصف بهذه المؤسسة، والتي أدت الى تعطيل عملها، ودفعت البعض ــــ ومنهم رئيس الحكومة السابق تمام سلام ــــ الى التفكير باقتراح إلغائها، وأثارت في البعض الآخر شكوك بشأن علاقات بعض ضباطها الداخلية والخارجية لخدمة مصالح خاصّة أو مصالح أجنبية.

لكن التغلب على هذه الأزمة ما هو الا بداية مسيرة إعادة تفعيل عمل المؤسسة. فمن ابرز التحديات التي تواجهها مديرية أمن الدولة اليوم:

1ــــ رفع معنويات الضباط والرتباء والعناصر وتحسين سمعة المؤسسة.

ويبدو أن اللواء صليبا والعميد سنان لحظا وجوب رفع معنويات الضباط والرتباء والعناصر بعد انتهاء الازمة التي شوّهت سمعة الجهاز، وقرّرا، بالتالي، التوجه الى وسائل الاعلام على غرار الامن الداخلي والامن العام. وظهر قسم الاعلام والتوجيه والعلاقات العامة في ديوان المدير العام بحلّته الجديدة الخميس الفائت.

2ــــ وجوب سدّ الثغرات في المعلومات بسبب تعطيل عمل المؤسسة خلال المرحلة السابقة.

يستدعي العمل الاستخباري الفعّال استمرارية في الرصد والمراقبة والتعقب. إذ ان أي انقطاع في التزوّد بالمعلومات وبالمراقبة والتعقب يحدث فجوة استخبارية. وأمام الضباط في المديريات الإقليمية الثماني والمكاتب الـ28 التابعة لها تحدّي سدّ تلك الفجوة من خلال تحديث الملفات وتحديد المعلومات التي لم تُجمع خلال الفترة السابقة بشكل دقيق وشامل بسبب الأزمة. فداتا الاتصالات، مثلاً، كانت قد حجبت عن المديرية خلال الازمة.

3ــــ تكثيف التواصل مع السلطات القضائية والسعي الى تفعيل الاشراف القضائي المباشر على العمليات الأمنية وذلك بهدف تكريس المصداقية ولضمان حماية حقوق الأشخاص الملاحقين وحماية الضباط والعناصر.

أمام ضباط الجهاز تحدّي سدّ الفجوة المعلوماتية التي خلّفتها سنوات الأزمة

4ــــ تجهيز قسم الاستعلام في المديرية المركزية وقسم الاستعلام التقني في شعبة الخدمة والمعلومات بالوسائل الالكترونية المتطوّرة التي تتيح للمديرية القيام بمهامها ومواكبة التغييرات الجذرية التي طرأت على وسائل الاتصال والتخابر وتكنولوجيا المعلومات. إذ تعاني المديرية من عجز في المكننة ونقص في حماية المعلوماتية وضعف في تقنيات الارشفة وآليات البحث والتحديد. ولا يمكن للوسائل المستخدمة حالياً أن تراقب، بشكل فعّال، اتصال «المواطنين بجهات اجنبية».

5ــــ تطوير قسم التعليم والتدريب في شعبة شؤون العديد. فالمهام الملقاة على عاتق «أمن الدولة» تتطلب من ضباطها وعناصرها كفاءة واختصاصاً. ويستدعي ذلك تطوير التدريب والتعليم في المجالات الآتية:

ــــ تدريب على الأساليب الحديثة لجمع المعلومات والرصد والتعقّب؛

ــــ تعليم متقدم للغات الأجنبية وبشكل خاص الانكليزية والفرنسية والاسبانية والعبرية والروسية وغيرها؛

ــــ التدريب على أساليب التحقيق المتقدمة التي تقطع الطريق على استخدام العنف والتعذيب اثناء الاستجواب والاستفسار؛

ــــ العلوم السياسية والديبلوماسية التي تتيح للضباط التخصص في كيفية عمل السفارات الأجنبية والمنظمات الدولية العاملة في لبنان تسهيلاً لمراقبتها؛

ــــ العلوم الاجتماعية والتعرف الى الثقافات والقيم والعادات في الدول الاخرى.

6ــــ تفعيل مديرية التفتيش والرقابة. فلتكن المديرية العامة لأمن الدولة المؤسسة التي تتميز باحترامها الدقيق للقانون ولكرامات الناس وحقوقهم، من خلال تكثيف الرقابة والتفتيش خصوصاً خلال الاحتكاك المباشر بين ضباطها وعناصرها بالمواطنين وخلال الاضطرار الى استخدام القوة واثناء توقيف الأشخاص ونقلهم والتحقيق معهم.

7ــــ تجهيز المديرية بآليات نقل عسكرية جديدة وآليات نقل عسكرية مموّهة مدنياً للمهام الاستخبارية. والتجهيز بالسلاح المتطوّر وتشييد نظارات مناسبة بحسب المعايير الحقوقية الدولية.

لا تتوفّر حالياً الموارد المادية والبشرية الكافية لتمكين المديرية من إتمام المهام الملقاة على عاتقها بحسب القانون بشكل كامل. وقد تكون الجهود التي يبذلها المدير العام الجديد ونائبه لاصلاح المؤسسة فعّالة. لكنها لن تكون كافية من دون اشراف المجلس الأعلى للدفاع عليها ومواكبتها عن قرب. ولا بد أن تتعاون مديرية المخابرات في الجيش والمديرية العامة لقوى الامن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام لتحقيق «أمن الدولة».