IMLebanon

ختام بلا مسك

قال الرئيس نبيه بري للرئيس فؤاد السنيورة في جولة الحوار الثالثة الخميس، العبرة في الخواتيم وكأنه أدرك مبكراً بأن الخواتيم لن تكون سليمة، أو على الأقل ليست بحسب المرتجى والتوقّع.

ورئيس المجلس ليس قارئ فنجان، انما هو عرّاب الحوار، يدرك ما تحت الطاولة كما فوق، وقد بدا واضحاً من جولة اليوم الثاني صعوبة اختراق السدود بوجه الاستحقاق الرئاسي، وقانون الانتخابات، ولذا كانت العودة الى الدفاتر القديمة، الى اصلاحات دستور الطائف، وفي طليعتها انشاء مجلس للشيوخ يجري انتخابه على أساس مذهبي القانون الأرثوذكسي ومجلس نواب وطني، ينتخب بموجب قانون يتفق عليه.

ومع طرح موضوع مجلس الشيوخ، ارتفعت موجة التفاؤل وتراءى للبعض انه وخلافاً للشائع من الكلام، فقد يُصلح العطار ما أفسده الدهر.

فقد وعد الرئيس بري بتشكيل ورش عمل لتفعيل الأمور، مشدداً على المناصفة في مجلس النواب الوطني، وموضحاً ان كلمة وطني تعني ٥٠ بالمئة للمسيحيين و٥٠ بالمئة للمسلمين، متوقعاً ان يؤدي هذا الى خفض ٩٠ بالمئة من الكوليسترول الطائفي… وتلاه الرئيس فؤاد السنيورة بقول الشاعر نزار قباني ما أحلى الرجوع اليه… أي الى دستور الطائف. وحده رئيس اللقاء النيابي الديمقراطي وليد جنبلاط أدرك كنه الحوار الجاري والى أين سيصل من أول جلسة، فخرج منها باكراً ونعى التسوية المطروحة في هذه المرحلة، وغاب بشخصه عن الجلستين الأخريين، ليمثله بالحضور النائب غازي العريضي، الذي رفض مقولة ان هذا الحوار مضيعة للوقت، انما هو البديل عن المقاطعة والفراغ…

موجة التفاؤل التي سبقت جلسة الختام الحوارية، كشفت تعطّش اللبنانيين للتفاهم والتوافق ونبذ الفرقة، لكن فرحة الناس لم تصل الى قرعتها، أولاً لأن التفاؤل كان مبالغاً فيه، وثانياً لأنه استند الى مواقف ظاهرية ينقصها العمق.

فالمادة ٢٢ من وثيقة الطائف، تنص على انشاء مجلس الشيوخ، بعد انتخاب أول مجلس نيابي على أساس وطني لا طائفي، ما يعني وجوب انتخاب هذا المجلس الوطني أولاً، ثم بعدها يصبح ممكناً، انتخاب مجلس للشيوخ…

وزاد رئيس الكتائب سامي الجميّل على هذا اشتراطه الدستوري بأن تقرّ هذه الأمور بوجود رئيس للجمهورية، وان تبحث صلاحيات الشيوخ في مجلس النواب لا على طاولة الحوار، وحتى ان يبدأ تطبيق اتفاق الطائف بفرض سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية وجعل السلاح حصراً بالجيش اللبناني، وهذا ما أثار حفيظة نائب حزب الله علي فياض، الذي وصف هذا القول بقنابل متفجرة جرى زرعها في طريق الاصلاح السياسي….

أوساط التيار الوطني الحر تساءلت بعد الانشراح الحواري في الجلسة الثانية، عما اذا كان ثمة خرق جدي في جدار الأزمة، أم مجرد مناورة أخرى لإطالة أمد ادارتها؟ وهل هي بداية فعلية للخروج من النفق أم محاولة لإنارته تمهيداً للتعايش معه؟..

هذا الحذر كان في محله أيضاً، فقد حاول رئيس التيار الوزير جبران باسيل ألا يقف بوجه مشروع مجلس الشيوخ، وقال بصراحة أنا لم أسلم به، انما أنا معه من ضمن حل متكامل، والحل المتكامل يعني أيضاً انتخاب العماد ميشال عون رئيساً، وقد أجابه السنيورة بقوله: لا أحد يطلب منك التخلي عن مرشحك الرئاسي…

والواقع أن باسيل لم يكن يخشى أن يطلب منه أحد مثل هذا الشرط المستحيل، انما بالعكس، كان يتوقع أن يسمع كلاماً يثلج صدره في جولة الانتخاب الرئاسية الثالثة والأربعين، في الثامن من الشهر الثامن، أي الاثنين المقبل…

لكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه، فالرئيس بري قال إنه سعى جهده مع السعوديين والايرانيين لكن قصة اليمن عرقلت المساعي… والرئيس سلام ذكّر بآباء الاستقلال المؤسسين الذين بنوا الميثاق على التوافق، ولذا فهو مع رئيس توافقي… ومثله رئيس الكتائب سامي الجميل الذي اعتبر أن فرض العماد عون عليه كرئيس، تعدٍّ على حريتي الشخصية….

ومن هنا قول باسيل بعد ارفضاض جلسة الختام: ما يعنيني أمران: الحق بانتخاب رئيس يمثل، والحق بعدم تأمين النصاب في مجلس النواب مع الحلفاء…

ولا أحد يناقش الوزير باسيل بما يعتبره حقاً، يقول آذاري مستقل، مضيفاً: ولكن كما تراني يا جميل أراك.