عن سؤال: ماذا عن تركيا المعادية لسوريا الأسد والمختلفة مع روسيا والناقمة على الغرب لتساهله السوري؟ أجاب المسؤول السابق الكبير جداً نفسه في “الإدارة” المهمة نفسها داخل الإدارة الأميركية، والذي كان له تعاط أساسي مع الشرق الأوسط والعالم العربي والاسلامي، قال: “الأكراد هم العدو الأول لتركيا. والعدو الثاني هي سوريا وتحديداً رئيسها بشار الأسد. والعدوّ الثالث هو روسيا وإيران”. علّقت: لم يعرف رئيسها اردوغان كيف يتحرّك. فقد صدقيته عند السنة العرب في سوريا وخارجها من زمان يوم اشعر الثوار السوريين وأعداء نظام الأسد من الدول العربية بل من السنّة العرب إجمالاً أنه سينصرهم بكل الوسائل ثم عجز عن الوفاء بوعوده لهم. حتى مصر والسعودية في ذلك الوقت، الدولتان اللتان لم تشعرا يوماً بودٍّ حيالها جرّاء تاريخها القديم والحديث، راهنتا على اردوغان. خذل الجميع ولم يفعل شيئاً. علّق: “لكن السعودية وهّابية ولا تحب الاخوان المسلمين”. ردّدت: صحيح ما تقول. لكنها، عندما لجأ إليها “الاخوان” بعد تعرّضهم لقمع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بسبب تآمرهم عليه، أمَّنت لهم الحماية والرعاية والعمل والاستقرار. وعندما بدأوا يمارسون نشاطهم رسمياً فيها ونشر دعوتهم وفكرهم في أوساط السعوديين قال لهم المسؤولون في المملكة: خلاص. هذه المعاملة الطيبة ستتوقَّف وتوقّفت.
قال: “اردوغان يحب “الاخوان المسلمين” كان يحب الأسد قبل اختلافه معه. وهو أخبرني بذلك مرّات عدة”. علّقت: أعتقد أنه كان يناور لكي يحصل منه على تغييرات سياسية في سوريا تُراعي “إخوانها”، أو ترتّب أوضاعهم بعد الذي تعرّضوا له على يد النظام منذ العام 1982 جرّاء محاولة انقلابهم عليه. علّق: “قال لي اردوغان عن الرئيس المصري المخلوع مرسي و”إخوانه” الآتي: “يجب أن تعيدوا أنتم (أي أميركا) مرسي إلى الحكم في مصر وأن تدعموا وصول “الاخوان المسلمين” إلى الحكم في العالم العربي”. قلتُ: حال تركيا صعبة. ربما تحصل فيها مشكلات عدّة. كان على اردوغان بعد الانتخابات النيابية قبل الأخيرة، في رأيي الخاص، بعد حصوله على غالبية تقل عن الثلثين أن يتعاون مع “حزب الشعوب الديموقراطي” الكردي الذي أسسه دميرطاش، والذي ضمّ في صفوف مؤيديه ونوابه المنتخبين أشخاصاً غير أكراد. بذلك كان أمّن غالبية الثلثين وعدَّل الدستور لجعل النظام رئاسياً. وكان في الوقت نفسه فتح الباب واسعاً أمام حل سلمي للمسألة الكردية في تركيا ينهي الحرب الدائرة مع الحزب الأبرز عندهم PKK منذ عقود. ردّ المسؤول السابق الكبير جداً نفسه: “هذه مسألة غير سهلة. ربما الشعب التركي غير الكردي لا يقبل الأكراد كهوية قومية منفصلة وذات حكم ذاتي”. سألت: هل تجاهر أميركا الادارة أنها ضد “داعش”؟ أجاب: “انها ضد “داعش” وضد الأسد. لكن الأولوية الآن لـ”داعش”. في المنطقة تسود حال من الاعياء والانهاك (Exhaustion). ونحن نعمل لمعالجتها. يُقال في منطقتكم أنها لم تعد مهمّة لأميركا. وهذا ليس صحيحاً. هي مهمة لأننا نريدها مكاناً وممّراً للتبادل التجاري الحرّ وللطاقة، ولأنها منطقة ضعيفة، ولأننا لا نتخلّى عن إسرائيل ولن نتخلّى عنها. لكن ذلك لا يعني أن نتورّط في حروبها. حتى الآن لا تصدر إدانة واضحة في السعودية والخليج لـ”داعش” وأعماله الارهابية ولأمثاله. ربما بدأوا متآخرين في الإدانة. انهم يخافون منهم. لكنهم يخافون الشيعة وإيران أكثر”.
ماذا عن إيران؟ سألتُ وأشرت الى رأيي في توزيع الأدوار داخل النظام الإيراني والى أن المرشد خامنئي والرئيس روحاني واحد. أجاب: “إيران هي دائماً “برسيبوليس” أي إمبراطورية فارس”. علّقت: إيران هذه يحب شعبها أو بالأحرى شبابها أميركا. وأنا سمعت من قريبين جداً منها أن ما تحتاج إليه الآن موجود عند أميركا وليس عند غيرها. ردّ: “شعب إيران يحب أميركا ونظامه يكرهها. وشعوب الخليج تكره أميركا وحكّامها يحبّونها”.
في لقاء ثان مع المسؤول السابق الكبير جداً نفسه قبل مغادرتي واشنطن عائداً الى بيروت سألته عن الأردن: أجاب: “مشكلة العاهل الأردني معاناته نقص في حب الشعب له. الملكة رانيا غير محبوبة بدورها لأسباب يتحدثون عنها علانية. إنه ليس كوالده الراحل الملك حسين. عندما كان أخيراً في أميركا بدا أنه ناقم على تركيا. اتهمها في الكونغرس بالوقوف وراء “داعش” وبكلام صريح. وهذا كلام صحيح ونحن نعرفه”.
ماذا عن إسرائيل؟ سألت: بماذا أجاب؟