من العقيد ميشال عون، قائد اللواء الثامن في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، إلى العماد ميشال عون، قائد الجيش في العام 1984، إلى رئيس الحكومة الإنتقالية مع خمس حقائب وزارية في أيلول 1988 إلى السفارة الفرنسية من 13 تشرين الأول 1990 حتى صيف 1991، إلى المنفى في فرنسا في الهوت ميزون ثم في باريس حتى أيار من العام 2005، إلى لبنان لخمسة عشر عاماً، إلى رئيس أكبر كتلة نيابية مسيحية وثاني أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب.
في الحقل العام والشأن العام منذ نصف قرن، وينتظر رئاسة الجمهورية منذ 28 عاماً، وأخيراً انتهى الإنتظار وعاد دولة الرئيس إلى قصر بعبدا ولكن هذه المرة بصفة فخامة الرئيس.
كثيرةٌ هي المشاعر التي تتزاحم في مثل هذه الظروف، الرئيس الجديد هو الرئيس الثالث عشر منذ الإستقلال، وهو الرئيس الرابع الآتي من المؤسسة العسكرية، وهو الرئيس الثاني الذي تولى رئاسة حكومة انتقالية ثم أصبح رئيساً للجمهورية.
لكنَّ الشيء الأهم أنَّ الرئيس ميشال عون يعود إلى قصر بعبدا بموجب دستور الطائف، على عكس ما كان الوضع عليه حين كان في قصر بعبدا كرئيسٍ لحكومةٍ انتقالية.
الرئيس بموجب دستور الطائف هو غيره الرئيس بموجب دستور ما قبل الطائف. هو في شراكةٍ حقيقيةٍ مع رئيس الحكومة الذي سيكون بإذن الله حتماً الرئيس سعد الحريري. بين 1988 و2016 فرق شاسع، حين رفض الوزراء الثلاثة من أعضاء المجلس العسكري الإلتحاق بالحكومة الإنتقالية، تمَّ توزيع حقائبهم على العماد عون واللواءين عصام أبو جمرا وإدغار معلوف.
اليوم، معالجة العقبات ليست بهذه السهولة، الرئيس ميشال سليمان الذي أخفق عهده إذ أمضى ثلثه منتظراً تشكيل الحكومات التي لم تتجاوز الاربع:
حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، ثم حكومة الرئيس سعد الحريري، ثم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ثم حكومة الرئيس تمام سلام. وكان المعدّل العام لتصريف الأعمال في انتظار تشكيل حكومةٍ جديدة نحو خمسة شهور.
ربما لا يجوز من اليوم الأول وضع كل الملفات على طاولة فخامة الرئيس، ما زال الوقت وقت تهانٍ، ولكن بعد ذلك يبدأ الكلام الجدي والعمل الجدي في بلدٍ تتكاثر فيه المشاكل بأسرع مما يتوقع البعض:
من الكهرباء، إلى الإتصالات، إلى النفايات، إلى المياه، إلى الديون، وهذه الملفات كثيرٌ منها يعرفها الرئيس المنتخب، فهو مشاركٌ في السلطة من أحد عشر عاماً.
دائماً يجب التذكير أنَّ اكتمال عقد السلطة لا يتمُّ إلا بعد تشكيل بإذن الله حكومة الرئيس الحريري بأسرع وقت ممكن إذا كانت النيات صافية حيث تُناط السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء مجتمعاً، وفي هذه الحال يُفتَرض انتظار البيان الوزاري للحكومة، لأنَّ خطاب القَسَم هو توجهات معنوية لا مفاعيل إلزامية له، بمعنى أنَّ مجلس الوزراء غير مضطر إلى تطبيق ما تضمنه الخطاب.