IMLebanon

نهاية عهد وخرافة وتجربة

 

 

 

عهد الرئيس ميشال عون إنتهى عملياً قبل الوصول الى النهاية رسمياً. إنتهى حين عجز أقوى زعيم مسيحي متحالف مع أقوى حزب في لبنان عن تحقيق الحد الأدنى من شعار “الإصلاح والتغيير” الذي جاء باسمه. إنتهى بالوصول على ساعته الى تراكم الإنهيارات القديمة والجديدة، حيث البلد مسروق والشعب منهوب والأزمات تدفع المؤسسات الى العطالة والإضراب. إنتهى باللجوء الى حجة “ما خلونا” بدل المواجهة مع الذين ما خلّوه أو أقله كشفهم بالوقائع والوثائق. إنتهى بالتخلي عن “تفاهم معراب” مع “القوات اللبنانية” والتفاهم مع الرئيس سعد الحريري، وفتح الجبهات مع معظم القوى السياسية باستثناء “حزب الله” الشريك في “تفاهم مار مخايل” الذي بقي حبراً على ورق. إنتهى بالسعي لتطويع كل شيء من أجل توريث الرئاسة بعد توريث “التيار الوطني الحر” وعهد لن يأتي. وانتهى بنوع من العزلة العربية والدولية خلافاً لما عرفه لبنان، وعقاباً على الغطاء الرسمي لدور “حزب الله” العسكري والإعلامي والسياسي في البلدان العربية الشقيقة وسياساته المعادية للأصدقاء الدوليين.

 

إنتهى وأنهى معه خرافة وتجربة. الخرافة هي الحديث عن عهد قوي في بلد مفلس وضعيف يتحكم به حزب مسلح يملك ما يسمى “فائض القوة” ولديه مشروع أكبر من لبنان. والتجربة هي حصر المناصب الرئاسية الثلاثة، الجمهورية والبرلمان والحكومة، بالأقوياء في طوائفهم، أي بأمراء الطوائف. فالتجربة في العهد الحالي زادت تأكيد ما قادت إليه التجارب في عقود سابقة. لا فقط تجارب رؤساء جمهورية بل أيضاً رؤساء مجالس نيابية وحكومات.

 

ذلك أن المشكلة ليست في “الرؤساء الأقوياء” إذا كان مفهوم القوة هو التمسك بالدستور والقوانين والحؤول دون الخروج منها وعليها، والإنفتاح على كل ألوان الطيف السياسي اللبناني. المشكلة هي “الرؤساء الزعماء” الذين يديرون المناصب بسياسات تخدم زعاماتهم ومصالحهم فقط. وأخطر الأحداث في تاريخ لبنان الحديث هي التي جرت في أيام الرؤساء الزعماء: أحداث 1958. حرب 1975 وانهيارات الأيام الحالية.

 

في الماضي إهتز لبنان وجرت حروب وصراعات حين انحرفت سياسته الخارجية وتخلى عن الوقوف مع الإجماع العربي أو على الحياد عند الخلاف. وضربه زلزال عندما تحمل وحيداً أعباء الفصائل الفلسطينية المسلحة التي أرادت تحرير فلسطين إنطلاقاً من لبنان فقادت الى حرب دمرت لبنان وجاءت بالإجتياح الإسرائيلي والدخول العسكري السوري. واليوم تنهار المؤسسات وتعجز السلطة عن ضمان الحد الأدنى من الغذاء والماء والكهرباء والدواء للناس، وسط المفاخرة بالإنتماء الى “محور الممانعة” وقول السيد حسن نصرالله إن “المقاومة ليست تهديداً لإسرائيل فقط بل أيضاً لكل المشروع الأميركي في المنطقة”.

 

يعترف الرئيس الأميركي توماس جيفرسون بأنه “لا رجل يحمل من الرئاسة السمعة التي حملته إليها”. لكن قدر لبنان أنه “عانى، لا بسبب أخطائه بل بسبب مزاياه”، كما قال المؤرخ والمستشرق برنارد لويس.