Site icon IMLebanon

ضغوط لدفع المفوضيّة الأوروبيّة تسليم “الداتا” كاملة ووقف المماطلة تحرّك وزارة الخارجيّة جاء “بعد الخروج عن السلوكيّات الديبلوماسيّة والسياسيّة” 

 

ليست المرة الأولى التي يتبادل فيها لبنان الرسمي والشعبي والمفوضية الأوروبية الإتهامات حول ملف النزوح السوري، لكنها هذه المرة خرجت عن السلوكيات المعتمدة في التخاطب الديبلوماسي والسياسي، بعد بيان رئيس مكتب المفوضية إيفو فرايجسن الذي وجه فيه انتقادا قاسيا الى وزارة الداخلية والبلديات، واتهمها بالتعاطي اللاإنساني مع النازحين السوريين، مما تسبب بموجة إعتراض واسعة وصلت الى حد استدعاء رئيس مكتب المفوضية الى وزارة الخارجية، ووجه اليه الوزير عبدالله بو حبيب تحذيرا عالي اللهجة، تضمن طلبا عاجلا لسحب الرسالة التي وجهتها المفوضية الى وزارة البلديات واعتبارها ملغاة، مع تشديده على ضرورة احترام أصول التخاطب مع الوزارات والإدارات، واحترام القوانين اللبنانية، والتزام مذكرة التفاهم الموقعة مع الأمن العام، وتسليم “الداتا” كاملة الى الأمن العام.

 

تحرك وزارة الخارجية كما تقول مصادر سياسية، جاء بعد ان خرجت الأمور عن الأصول والأعراف بين السلطة السياسية والمفوضية الأوروبية، التي تتمادى بانتهاك السيادة والخصوصية اللبنانية، وبعد ان تبين ان المفوضية تتحرك من دون اي اعتبار لمؤسسات الدولة، وتمتنع عن تسليم لبنان “داتا” النازحين السوريين كاملة، ويتهم لبنان المفوضية بتعزيز وضع النازحين وتشجيعهم على البقاء في لبنان بدعمهم ماديا ورفض عودتهم، فالمفوضية لا تأبه لكل الملاحظات وتتجاهل الاعتراضات، مع التعاطي بتعالي وفوقية مع الإدارات اللبنانية.

 

تحذير وزير الخارجية كما تضيف المصادر، كان ضروريا بسبب التمادي بانتهاك السيادة اللبنانية وممارسات المفوضية التي تخطت السقوف، وتمسكها بدعم النازحين بمدهم بالمساعدات المالية، وبعد فترة قصيرة من انتهاء زوبعة هبة الإتحاد الأوروبي التي استلزمت عقد جلسة نيابية خاصة لمناقشتها، بعد ان تسببت بموجة إعتراض واسع من قبل القوى السياسية، التي رأت فيها رشوة ومحاولة مكشوفة لإطالة وتمديد الوجود السوري أربع سنوات جديدة، فالتمويل الأممي يساهم بإبقاء النازح السوري في لبنان وانعاشه، ويساهم بتحويل لبنان الى بلد لجوء للسوريين والفلسطينيين.

 

هذه العوامل كانت كافية لوضع الهبة في دائرة الشبهة، فانطلقت تحركات شعبية تحت شعار “لبنان ليس للبيع وليس حرس حدود لأحد”، وكان لافتا الموقف المسيحي المتشدد، ومطالبته حكومة تصريف الاعمال الكشف عن التفاصيل والخطوات الحكومية، لمنع دمج النازحين في المجتمع اللبناني.

 

لم يعد مخفيا الاعتراض اللبناني على مسألة الوجود السوري الذي يشكل عبئا مناطقيا، فقضية النازحين لم تعد انسانية او إقتصادية، بل تحولت الى قضية وطنية تشمل كل المناطق وتخص كل الطوائف، مع تزايد حجم الأعباء والإشكاليات والاحتكاك اليومي بين النازحين واللبنانيين، وفي ظل الكلام عن وجود آلاف المسلحين في المخيمات ينتظرون ساعة الصفر لعمل أمني محتمل.

 

فهناك تقاطع بين كل الطوائف والقيادات السياسية على رفض الوجود السوري، واعتباره خطرا يهدد الكيان، لكن مع إختلاف مقاربة الملف سياسيا وشعبويا، فالمقاربة المسيحية متشددة جدا بالتعاطي مع الملف، وعمليا مورست ضغوط على النازحين دفعت لانتقالهم من المناطق المسيحية الى البيئة السنية الحاضنة لهم، ولا يختلف الوضع لدى الطائفة الشيعية التي تتخوف من تفاقم الحوادث والوضع الأمني، واحتمال حصول تغيير ديموغرافي في المستقبل، والوضع مشابه في مناطق الجبل الدرزية، مما دفع الحزب “التقدمي الإشتراكي” الى التحرك وإعداد ورقة لتنظيم الوجود السوري في لبنان.