في كلّ مرّة تستيقظ فيها جهة دولية على إدراكها مدى خطورة حزب الله وما وصلت إليه الأمور في لبنان يدفع لبنان الثمن مرّتين مرّة على يد حزب الله وثانية على يدِ الدّول التي قرّرت معاقبة حزب الله فيُعاقب لبنان وشعبه بدلاً عن الحزب وبيئته!! استيقظ الاتحاد الأوروبي، قرّر أن حزب الله حزب إرهابي ولا فرق بين جناحٍ سياسي ولا جناح عسكري، ورغماً عن أنف اللبنانيين ودول العالم كلّها حزب الله مصرٌّ على التّواجد ظاهراً في أيّ حكومة ستشكل، لأنّه باطناً مصرٌّ على الإمساك بخناق البلاد، مرّة بحجة شروط البنك الدولي، ومرة بحجة حماية ظهر المقاومة، هذه المقاومة التي تسبّبت في استنزال كلّ اللعنات على لبنان وحوّلت حياة الشعب اللبناني إلى جحيم، وهي ليست مقاومة لأنها تحارب على أرض الآخرين وليست مقاومة لأنّها تنفّذ أوامر ومصالح إيران وهي أثبتت حتى اليوم أنّها دولة عدوّة لكلّ دول المنطقة العربيّة!
في نيسان العام الجاري سرّب الاتحاد الأوروبي تقريراً سرّياً ختم بعبارة «إنّ لبنان بات يخضع بكل مجالاته لسيطرة حزب الله»، تأخّر كثيراً الاتحاد الأوروبي ولا يزال متأخراً في استدراك الواقع الذي يغرق فيه لبنان، والأسوأ من أنّه تأخّر كثيراً أنّ المبادرة الفرنسية التي فشلت في تغيير حرفٍ من واقع لبنان، لم تدفع الرئيس الفرنسي حتى الساعة إلى الاقتناع بأن مبادرته باءت بفشل ذريع وإن منح نفسه ستة أسابيع لتعميق خسارته في لبنان والخروج منه خائباً مذلولاً، وهذا ما لا يرضاه اللبنانيّون لفرنسا ودورها التاريخي في لبنان، ولكن من المؤسف أن الرئيس أيمانويل ماكرون تصرّف كهاوٍ في السياسة لا كرئيس فرنسا، فصدّق من اجتمع بهم من السياسيين اللبنانيّين وهم أكذب خلق الله، ولو سأل مطلق مواطن لبناني، لنصحه بعدم تصديقهم!
تغاضت فرنسا ومعها الاتحاد الأوربي عن أصوات اللبنانيين وهم يصرخون محذرين الجميع أنّ لبنان تحوّل بالتدريج إلى «إيران لاند»، وأننا أصبحنا تحت وطأة احتلال إيرانيّ، وأّنّ حزب الله يرتقب الوقت المناسب لإعلان «الجمهوريّة الأسلاميّة في لبنان»، وأنّ الموضوع أخطر بكثير حتى من أن يخبرنا الاتحاد الأوروبي بأن لبنان بات يخضع بكلّ مجالاته لسيطرة حزب الله، لأنه في الحقيقة على الاتحاد الأوروبي أن يكون دقيقاً أكثر في عبارته، لبنان يخضع بكل مجلاته للاحتلال الإيراني التامّ!
سبق وتباهى أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني بأنّ «إيران باتت الآن على ضفاف المتوسط وباب المندب»، وسبق وقرأنا هذا الكلام «المبتهج» في تصريح لـ»علي أكبر ولايتي»، ولاحقاً على لسان «علي رضا زاكاني» مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني، الذي سبق وأدلى بحديث تبّجح فيه قائلاً: «ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران (…) وصنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة(…) وأن 14 محافظة يمنية سوف تصبح تحت سيطرة الحوثيين قريباً من أصل 20 محافظة، وأنها سوف تمتد وتصل إلى داخل السعودية(…) فالثورة اليمنية لن تقتصر على اليمن وحدها، وسوف تمتد بعد نجاحها إلى داخل الأراضي السعودية، وإن الحدود اليمنية السعودية الواسعة سوف تساعد في تسريع وصولها إلى العمق السعودي»!!
من المؤسف أنّه منذ اتفاق الطائف الذي رفضه حزب الله وحتى اليوم، إلا أنّه تعامل معه ومع اللبنانيين بمبدأ «التقيّة» متفرّغاً لبناء دويلته ورسم صورته المقاوِمَة مجتهداً في إبعاد كلّ «ملمح» إيراني عن مظهره، إلى أن أماط اللثام ونهائياً عن مشروعه الإيراني الهوية والعقيدة الذي يختلط فيه الديني بالسياسي، حتى لا يتجرّأ أحدٌ على الاعتراض وإذا حدث واعترض أحد سيخرج عليه حسن نصرالله قائلاً «هذا مسٌّ بمعتقداتنا وعقيدتنا وإيماننا وهذا غير مقبول والكلام ممنوع فكلّ ما هو مقدّس وإلهي «يُشرشر» من عمائم وأصابع قيادات حزب الله حتى كبار القتلة والمجرمين منهم».. عزيزتي فرنسا ومع الاتحاد الأوروبي تأخر الوقت كثيراً جداً.. جدّاً!!