Site icon IMLebanon

سفراء الاتحاد الأوروبي مستاؤون من التأخير في ولوج الإصلاحات

 

لبنان يواجه حرباً مالية.. وإجراءات الحكومة غير قادرة على الردع

 

 

يدخل قانون «قيصر» الأميركي الذي يفرض عقوبات على سوريا حيز التنفيذ اليوم، وسط مخاوف لبنانية من حجم الآثار السلبية التي يمكن ان تصيب لبنان جرّاء طريقة التعامل مع هذا القانون، في الوقت الذي «يأنّ ويعنّ» الشعب اللبناني من تفاقم تردي الوضعين الاقتصادي والمالي. وإذا كان البعض من السياسيين دعا إلى انتظار البدء بتنفيذ هذا القانون لكي يبني لبنان على الشيء مقتضاه، فإن البعض أيضاً يرى ان الكتاب يُقرأ من عنوانه، وان لا مفر من التعاطي مع عملية تنفيذ هذا القرار بدقة متناهية بشكل لا يضع لبنان في مواجهة أحد، وفي الوقت نفسه لا يؤثر على مصالح بلدنا بأي شكل من الاشكال.

 

وفي المعلومات ان الولايات المتحدة الأميركية كانت إلى الثلاثة أسابيع الماضية تنوي استثناء لبنان من بعض بنود «قيصر»، غير انها وبعد وصول تقارير إلى واشنطن حول خط سير الدولار وكيف انه يُهرّب من لبنان إلى خارجه، قررت العزوف عن هذه الاستثناءات، لا بل قررت التشدّد حيال أي مواطن يتعاطى مع أي شركة سورية حتى ولو كانت شركة خاصة.

 

وفي الوقت الذي تشخص فيه الأنظار إلى توقيت بدء تنفيذ هذا القرار الأميركي بقي منسوب الخوف على الوضع المالي في لبنان آخذاً بالارتفاع، كون ان مصرف لبنان ورغم الإجراءات التي يحاول القيام بها لمواجهة هذه الأزمة عاجز عن مواجهة الحرب المالية التي تشن على الليرة، فالمصرف المركزي من الممكن ان ينجح في مواجهة الضغط على النقد الوطني من قبل حالة سياسية داخلية مؤقتة في السوق المالي، لكن ليس لديه القدرة على شن حروب معاكسة، من خلال ضخ الدولار وعقد الاجتماعات، لأن القصة بحسب اعتقاد مصادر سياسية مطلعة أبعد من ذلك بكثير.

 

واشنطن تراجعت عن إعطاء لبنان بعض الاستثناءات في طريقة تنفيذ قانون «قيصر» الذي يدخل حيز التنفيذ اليوم

 

وفي تقدير المصادر السياسية المتابعة ان لبنان يحتاج الآن إلى ما يفوق الـ15 مليار دولار، لوقف النزف المالي الحاصل، وهذا الرقم من المستحيل تأمينه بأي شكل من الاشكال، في ظل التشدّد الأميركي والأوروبي تجاه لبنان والذي ربما ينقلنا إلى مرحلة اصعب.

 

وفي رأي المصادر ان الحكومة التي تقوم بأقصى ما يمكن فعله لمواجهة التحدي المالي، هي نفسها مقتنعة بأن ما تتخذه من إجراءات وخطوات لن تكون كافية لمنع انزلاق لبنان باتجاه الانهيار المالي والاقتصادي، وهي، أي الحكومة، فقدت للأسف القدرة على كسب ثقة اللبنانيين أولاً وثقة الخارج ثانياً، حتى ان بعض السياسيين المشاركين في الحكومة يؤيدون بعض القرارات نكاية وليس اقتناعاً، وبالتالي فإن التدابير التي اتخذت والتي ستتخذ لن تكون لها القدرة على فعل شيء، خصوصاً وأن حاكم مصرف لبنان أبلغ اولياء الأمر بأن التدابير التي اتخذت ليست على المستوى المطلوب، وأن ضخ الدولار في السوق غير كافٍ، لأن هناك حرباً سياسية وأمنية على الليرة اللبنانية.

 

وتكشف هذه المصادر عن اجتماع عقد لسفراء الدول الأوروبية منذ فترة قصيرة، وهو اجتماع يواظب هؤلاء السفراء على عقده كل 15 يوماً لتقييم الوضع اللبناني من مختلف جوانبه، توصلوا الى حقيقة مفادها بأن الحكومة اللبنانية غير قادرة على تنفيذ رزمة الإصلاحات التي وعدت بها طلباً للمساعدة الدولية. وبعد تبادل المعلومات في ما بينهم تبين ان كل سفير من السفراء الخمسة يسمع كلاماً مختلفاً عن السفير الآخر من الجهات اللبنانية، ولذلك كان هناك إجماع في ما بينهم على ان لا جدية لبنانية بالاصلاحات وأنه بالنسبة لهم ألف.. باء الإصلاحات يبدأ بضبط الحدود وبمعالجة مشكلة الكهرباء. وقد أبلغ المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش الذي حضر الاجتماع هؤلاء السفراء، من خلال تقرير اعده، بأن وضع الحدود لم يضبط بالشكل المطلوب.

 

هذا الموقف الأوروبي عكسه السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه خلال اجتماع لجنة الصداقة اللبنانية – الفرنسية أمس في مجلس النواب، حيث أبدى استغراب بلاده كيف ان الحكومة اللبنانية لم تقم بعد بالاصلاحات التي وعدت بها في «سيدر»، وكان واضحاً تماماً لجهة استمرار ربط أي مساعدات دولية للبنان بإنجاز الإصلاحات المطلوبة منه.

 

وعندما تسأل المصادر ما إذا كانت استقالة الحكومة ممكنة في ظل عدم القدرة على مواجهة هذه التحديات تسارع إلى الرد على هذا السؤال بسؤال آخر عن البديل، وتتابع انه من الممكن ان يكون الأفضل للحكومة ان تستقيل وتتحول إلى حكومة تصريف أعمال لكي تتجنب أخذ القرارات المصيرية داخلياً وخارجياً، غير ان الوصول إلى هذه النقطة غير متوافر الآن لأسباب كثيرة، البارز فيها ان القوى السياسية التي تتشكل منها مكونات هذه الحكومة ليست في وارد سحب الثقة والخروج منها أقله في الوقت الراهن، وفي مقابل ذلك لا توجد معارضة فعلية قادرة على احداث تغيير في واقع الحال، وبالتالي فإن الإبقاء على هذه الحكومة في ظل انعدام البديل يبقى أفضل من عدمه، ومن الظلم بمكان ان نحمّل الحكومة الحالية كامل المسؤولية عما نحن عليه، لأن الجمع يُدرك ان الوضع المأزوم اليوم هو نتاج تراكم العشرات من السنين الغابرة.