شكرا لكل من عبر عن استنكاره لمجزرة «قلب اللوزة» بحق الطائفة الدرزية، لكن ما عاد وصدر عن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط اوحى وكأن شيئا لم يحصل هناك، لاسيما عندما قال بصريح العبارة انه يعالج المسألة على طريقته الخاصة وعبر المساعي السياسية، ما ادى الى تبريد اجواء الموحدين الذين لم يلتقوا على موقف موحد مما حصل خصوصا ان طريقة معالجة المسألة من جانب جنبلاط لم تتناسب مع موقفه من نظام بشار الاسد، حيث سبق له ان حض ابناء جبل العرب على الاسهام في معركة ازاحته؟!
ويرى متتبعو ما حدث ورد فعل تنظيم «النصرة» ان الامور غير مرشحة للتصعيد، غير ان مثل هكذا كلام لا يعني ان لا مجال بعد اليوم لتكرار حصول مثل ما حصل، قياسا على الفلتان السائد في طول سوريا وعرضها، بقدر ما يمكن ان يطرأ من احداث مماثلة، لان الخلاف المذهبي بين الدروز وسنة النصرة واضح وجلي، اضافة الى ان المعالجة الكلامية من جانب النصرة لم تتضمن معاقبة كل من شارك في المجزرة التي جاءت كنتيجة حتمية للتباين بين من ضربتهم عاصفة القتل وممن نفذ المجزرة وممن وقع ضحيتها؟!
لقد سبق القول السياسي ان ما ساهم في تهدئة الوضع في قلب اللوزة، انطلاقا من تفاهم معظم الدروز على مناهضة النظام السوري حيث لم يقل احد ان دروز جبل العرب كانوا مع بشار الاسد فيما سبق لجنبلاط تحديدا ان اعلن صراحة انه مع الثورة السورية، من دون مساهمة الدروز في ما دعا اليه بعكس موقف الزعيم الدرزي الاخر النائب طلال ارسلان الذي لا يزال يدعو الى تأييد الدروز لنظام الاسد من غير طائل!
والذين لم يعرفوا سبب المجزرة قد وصلتهم تفاصيلها على اساس خلاف النصرة المذهبي الذين دعوا بني معروف الى ان يعلنوا اسلامهم وقد رد هؤلاء انهم مسلمون الى ان تطور التباين جراء مطالبة النصرة بالسماح لعناصرها بالزواج من اهل قلب اللوزة لكن جاءهم الجواب بالرفض المطلق، على اساس ان الدروز لا يصاهرون سوى الموحدين الدروز (…) لذا يقال ان الكلام عن انتهاء المجزرة عند حدود قتل اربعين درزيا وجرح العشرات مرشح ان يعود الى اساس المشكلة!
وما يخص دروز الوسط ما قدموه من اقتراح لتجنب تكرار المجزرة من خلال انتقال دروز قلب اللوزة من اماكن انتشارهم غير الكثيف الى لبنان وتوزيعهم في المناطق الدرزية (عاليه – الشوف – البقاع الغربي) تجنبا لمحاذير تكرار ما حصل، فضلا عن ان تطمينات تحتاج الى اكثر مما ورد على لسانه، وعلى اساس انه راجع دولة قطر وتنظيم النصرة، بما في ذلك الحكومة التركية، من غير ان يصدر اي تطمين من جانب هؤلاء يؤكد ان لا مجال لتكرار التصادم مع الدروز في سوريا (…)
لكن الامور العامة لا تبشر بالخير، قياسا على معلومات وصلت اخيرا من مناطق سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) المعروف بتشدده في مقاربة موضوع من ليسوا سنة، مع ما يعنيه ذلك من امكان تطور الامور بشكل مماثل عبر طريقة داعش، من دون معرفة ما اذا كانت تطمينات ستأخذ مجراها في اتجاه منع تكرار ما حصل في قلب اللوزة، مع ما قد يطرأ من احداث مماثلة في جبل العرب (الدروز) الذين يشكلون ثلاثة ارباع منطقتي درعا وحوران، فيما هناك من لا يزال يدعو الى استضافة اخوانهم في مناطق لبنانية كما سبق القول؟!
السؤال المطروح هل بوسع السلطة اللبنانية القبول بما يقترحه البعض والعمل بموجبه في المستقبل المنظور؟ اوساط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي تقول ان ثمة استحالة امام العمل بالمقترح الآنف، خشية تعرض المناطق الدرزية في سوريا للتدمير، مع ما يعنيه التغيير البيوغرافي هناك على حساب الاقلية الدرزية؟!
لكن اوساطا درزية اخرى تكاد تؤكد ان نقل اعداد من الدروز الى لبنان قد حصل بالفعل، لاسيما من اولئك المعروفون بحزبيتهم المناهضة لنظام الاسد وهؤلاء موزعون بين مناطق عاليه والشوف، والبقاع الغربي، خصوصا ان الحديث عن هؤلاء قد بلغ ذروة الكلام على خشية الساحة اللبنانية من ان تتطور الامور الدرزية باتجاه نزوح سوري غير منظم ولا مدروس الى لبنان (…)
مسؤول حزبي يقول ان مجالات استضافة دروز سوريا في لبنان، ليست سهلة، لكن بالنسبة الى الذين يستضيفهم لبنان منذ بداية الاحداث في سوريا ليسوا قلة وبالامكان القول عنهم انهم اقل من ربع عدد الدروز في لبنان، وهذا الرقم بالامكان تذويبه في المجتمع الدرزي من غير حاجة الى احداث مشاكل؟!