Site icon IMLebanon

الامتحان

 

 

ردّة  فعل الشارع على تشكيل الحكومة ليست مفاجئة، فقد كانت منتظرة، وكان يمكن استقراؤها منذ التكليف الى ساعة التأليف.

 

خصوصاً أنّ المنتفضين الآتين من الشمال هم الأكثر اتجاهاً إلى التشدّد. علماً  أنّ الذين تولّوا الحراك في الشارع، يوم أمس، كما في الأيام القليلة  الماضية هم، بأكثريتهم الساحقة إن لم يكونوا جميعاً، مقبلون من طرابلس وعكّار والمنية – الضنية…

 

الملاحظ، أمس، أن الوجوه المألوفة الظـهور في الساحات، والتي درجت على الأداء برأيها، كانت شبه مجمعة على ضرورة إعطاء فرصة «غير طويلة» لمعرفة مسار العمل الحكومي وما إذا كانت ستنفذ وعود الرئيس حسّان دياب وتعهده بالأخذ بالكثير من المطالب الشعبية.

 

وفي التقدير أنّ العين ستكون مفتحة على وزير المال قبل أي وزير آخر، يليه وزير الاقتصاد. ذلك أنّ الوضع المالي – الاجتماعي – الاقتصادي هو الأشّد ضغطاً  على الناس الذين كانت  تكويهم الأزمة المعيشية، حتى قبل الثورة، فاشتد عليهم الخناق الى درجة عدم الاحتمال.

 

وكان لافتاً البيان الذي أصدرته، أمس، هيئة شؤون الإعلام في تيار «المستقبل» وقد نفت فيه أي علاقة للتيار بالمواجهات والتظاهرات التي أعقبت التأليف. وهو موقف واضح  بأبعاده كافة، وله ما له من معنى في هذا الظرف الدقيق.

 

ويجمع المراقبون الحياديون على أنّ مصير الحكومة متعلّق بسلوكها وليس بإنتفاضة الشارع. الشارع له تأثيره الكبير من دون أدنى شك. ولكن للحكومة أيضاً شارعها والأذى الأكبر عندما يتصادم الشارعان. وهذا لن يحصل على الإطلاق إذ أنّ القوى العسكرية والأمنية لن تسمح به خصوصاً وأنها تقوم بدورها في الحدود التي تمنع قيام هكذا  صدام في الشارع.

 

وعلى الحكومة أن تكسب ثقتين مفقودتين حتى الآن، ومنذ سنوات. الأولى ثقة الشعب المفقودة كلياً تقريباً بين اللبنانيين والسلطة، ومنذ زمان بعيد. والثانية الثقة المفقودة بين السلطة اللبنانية والكثير من الخارج العربي والدولي. وعندما تستعاد هاتان الثقتان ستكون الحكومة قد اجتازت امتحاناً عسيراً. علماً أن هذا ليس بالأمر اليسير، فالفجوة كبيرة جداً. ثم إن استعادة الثقة لا تكون بالخطابات ولا حتى بالبيان الوزاري، على أهميته… إنما بالممارسة.

 

فالخارج يريد منا ما هو باستطاعتنا ولا يطلب المستحيل:  إنه يريد منا أن نلتزم قولاً وفعلاً بــ«النأي بالنفس».

 

والداخل والخارج يريدان ذلك وأيضا يريدان رحرحة اقتصادية وأيضا البدء جديا بالاصلاحات.

 

هذا هو الامتحان، وهذا هو المعيار. وهذا هو المقياس الذي تُقاس به الحكومة. ولا نظن أحداً في لبنان والخارج يطلب من الحكومة أن تجترح الأعاجيب.

 

وفي الحكومة قدرات مهمة يجدر توظيفها في خدمة الشعب. ونظن أن وجود ست سيدات في التشكيلة قد يكون بادرة طيبة، ذلك أن المرأة تتحسّس معاناة الناس ربما أكثر من الرجل.