IMLebanon

الإمتحان – التحدّي أمام القيادات اللبنانية

 

لا أحد يعرف متى نستطيع ان نحل عقدة الحكومة التي صارت عقدة لبنان. لكن الكل يعرف كيف نحل العقدة. فليس صحيحاً أن تأليف حكومة ما بعد الإنتخابات يحتاج الى معجزة. الصحيح أنه يحتاج الى شيء من الواقعية، أولاً عبر النزول من جبل الأولمب حيث كانت تعيش الآلهة حسب الأسطورة، لأن من الممكن تأليف حكومة بين كائنات بشرية، لا بين أشباه آلهة. وثانياً من خلال التخلي عن علك الصوف في السجالات والخطابات المستمرة منذ التكليف يوم ٢٤ أيار الماضي، لمعاينة الواقع السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي الذي نحن فيه والبحث الجدّي في العلاجات المعروفة والمطلوبة منا ولنا من الأمم المتحدة ومؤتمر سيدر وتقرير ماكينزي والقرارات التي بقيت بلا تنفيذ.

والسؤال، إذا كانت العقد داخلية كما يؤكد المعنيون بالتأليف وأولهم الرئيس المكلف سعد الحريري، هو: هل نحن دون مستوى اللبننة في اتخاذ القرارات بعد عقود من إدمان الوصايات والرهانات على القوى الخارجية والإرتهانات لها؟ وإذا كانت العقدة الكبيرة إقليمية، فإن السؤال هو: هل ذهب لبنان الى الحدّ الأقصى من الأقلمة وصار أسير القوى الإقليمية والدولية بالكامل، في حين ان القوى الإقليمية أفادت من متغيرات وثغرات في النظام العالمي وبدأت تمارس نوعاً من الإستقلالية عن القوى الدولية، أو أقله بعض القدرة على حماية مصالحها وفرض أدوار لها تحتاجها القوى الدولية؟

لا مهرب أمام البلدان الصغيرة من مراعاة الإهتمامات الإقليمية والدولية. لكن أخطر ما يحدث هو أن تطغى الإهتمامات الخارجية على اهتماماته وهمومه الداخلية، بحيث يخسر نفسه من دون ان يربح العالم. والأغرب هو أن يأخذنا الخيال الى ان نتصور تأليف الحكومة عملية تدار من العواصم المؤثرة وتدور حول صراعات وتفاهمات بين محاور إقليمية ودولية وحتى حول قضايا داخلية في بعض العواصم.

والوقت حان للتوقف عن هذه الرياضية الخيالية، والعودة الى القراءة في الواقع وممارسة التواضع. فلا لبنان، وان تمتّع بمظلة دولية فوقه، مركز الكون. ولا حكومته رقم صعب في المعادلات الإقليمية والدولية، بحيث يكون التأليف أو اللاتأليف مرتبطاً بتلك المعادلات ومتغيراتها السريعة والبطيئة. وإذا تفاهم اللبنانيون غداً على تأليف حكومة متوازنة تخدم مصلحة لبنان وتعالج قضايا الناس، فلن يعلن أحد الحرب على لبنان. لا أحد يعاقب الوطن الصغير، أو يمنع تأليف الحكومة وإن كان في الحكومة بعض ما لا يعجبه. لا أميركا، ولا ايران، ولا السعودية، ولا سوريا.

الإمتحان – التحدّي يشمل جميع اللاعبين على المسرح وفي الكواليس. والخوف مستشار سيئ، لكن اللامبالاة مستشار أسوأ كما يقول المثل.