IMLebanon

هل اجتازت الحكومة قطوع عودة المغتربين؟

 

 

مرّت مسألة عودة المغتربين اللبنانيين الى وطنهم ببعض التعرجات منذ الاتفاق عليها في مجلس الوزراء الذي كاد ينفرط عقده في البدء بسببها.

 

وككل القضايا المثارة في لبنان، إكتسبت العودة الرداء السياسي، ونتيجة الخوف من تفشي وباء «كورونا» في البلاد كون الحكومة كانت تتلمس أولى محاولاتها لمحاصرة الوباء، عارض كثيرون ومنهم رئيس الحكومة حسان دياب الولوج في مسألة معقدة من هذا النوع في ظل تقديم طلبات للعودة بلغت نحو 25 ألفاً، ما أضفى مخاوف من عدم قدرة البلاد على التعاطي مع هذا العدد.

 

وبعد تهديد رئيس مجلس النواب نبيه بري بالخروج من الحكومة ما هددها بدوره وجودها نفسه، بدأت المرحلة الأولى من عملية العودة لتبلغ اليوم مرحلتها الثالثة في انتظار المرحلة الرابعة التي لم تحدد بعد ولكنها لن تنتظر طويلاً.

 

نجاح.. وثغرات

 

وبقراءة لتلك المراحل الثلاث يمكن اعتبار أن الحكومة قد مررت بنجاح نسبي ذلك الاستحقاق الذي شابته بعض المنعرجات والسلبيات بعضها يتعلق ببعض المغتربين أنفسهم الذين تصرفوا بعدم مسؤولية فنقلوا المرض الى العشرات بعد اطمئنانهم الى وضعهم الصحي إثر سلبية فحص الـ«بي.سي.آر» عليهم، من دون التنبه الى أن مرحلة الحجر تتطلب أسبوعين حتى الاطمئنان الى خلوّهم من الفيروس.

 

وعلى الرغم من تزايد أعداد المصابين على رحلات القادمين الى لبنان، فإن ذلك لم يحل دون إكمال عملية العودة. وقد حددت الحكومة نسبة المصابين التي سيتم على أثرها وقف العملية برمتها وهي خمسة في المئة من مجمل عدد العائدين، وهي النسبة التي بقيت تلك الأعداد بعيدة عنها وتحت الواحد في المئة.

 

وبالنسبة الى الحكومة، فهي تعتبر ما تحقق تاريخيا، وقد حصل في ظرف جد صعب وهي التي جاءت الى الحكم لتصطدم فورا باستحقاقات داهمة كان «كورونا» أهمها منذ البدء، ثم حضر التحدي الاقتصادي واستحقاقات تبدو الحكومة وهي تصارع الزمن للتصدي لها بينما تستعد شرائح شعبية لمعاودة تحركاتها التي خمدت نوعا ما لفترة من الزمن بسبب الوباء.

 

وفي الحكومة من يقر أنها تحركت نحو المغتربين «تحت الضغط»، ويشير البعض الى ثغرة تمثلت عبر إطلاق عملية العودة للمقيمين في كثير من بلدان الاغتراب، بدل تحديدها للمحتاجين من اللبنانيين و«العالقين» ومن خسر عمله منهم.

 

ويشبه أحد الديبلوماسيين المشتركين في عملية إعادة المغتربين عمل الحكومة في المرحلة الأولى بـ«إستئصال الورم». وهو ما تابعته الحكومة في المرحلتين الثانية والثالثة لكن هاتين المرحلتين شابتهما سلبيات تعلقت بالآلية كما بهوية العائدين، وطبعاً عمِلت الواسطة والصلة الشخصية في العملية، وشاب الأمر نقاطا سلبية إجرائية في بلاد الإغتراب وبعض الفوضى اعتبر خلالها البعض أن حالة الطوارئ في لبنان لم تُعكس في ملف دقيق كهذا.

 

وكان يمكن للحكومة أن تحدد منذ البداية فترة زمنية لعودة المغتربين في الدول التي لم تشهد تفشياً للوباء، لكن هذا الأمر لم يحدث ما أدى الى عودة أعداد غير قليلة من المُصابين.

 

لكن في الإجمال، أُنجزت العملية الصعبة لناحية آليات العودة للمغتربين وحصلت على رضاهم حسب تقدير الحكومة التي ما تزال تكرر المناشدات لهم لالتزام الحجر فور وصولهم.

 

وفي لبنان، كانت الإجراءات جد مُشددة منذ الوصول الى أرض المطار عبر عملية التخلية لهم من الطائرات، ومن ثم لناحية توزيع غير المصابين بين الحجر حيث تمت متابعتهم منذ الساعات التي تلت عبر البلديات ووزارة الصحة في الأقضية حيث يتواجدون في أماكن حجرهم، للتأكد من التزامهم بالحجر كما لتلبية حاجياتهم إن وجدت، والآخرين المُصابين الذين وزعوا في اتجاه حجر بإشراف الحكومة.

 

الغالبية عادت

 

اليوم، عادت الأعداد الأكبر من المغتربين الذين سجلوا أسماءهم الى الوطن، مع الاشارة الى أن عدداً منهم تراجع عن العودة لأسباب عديدة من بينها تحفظ البعض عن العودة بعد ارتفاع أعداد الاصابات في لبنان قبل أسابيع، وعدم رغبة كثر في البقاء في الحجر المنزلي في لبنان لمدة أسبوعين، إضافة الى خشية مغتربين من عدم التمكن من الرجوع الى حيث أتوا وهم في غالبيتهم من الموظفين وأصحاب المصالح في ظل وضع مهزوز أصلا في بلدانهم، من دون أن ننسى عدم قدرة كثيرين على تحمل نفقات بطاقات السفر وفحوص الـ«بي.سي.آر» لهم ولعائلاتهم.

 

وينتظر الكثير من اللبنانيين في الخارج فتح المطار في بيروت للعودة، لكن ثمة في الحكومة من يدعو الى عدم التسرع في هذا الأمر وإجرائه بـ«التقسيط» وتأطير أعداد العائدين، وقد ينتظر الأمر الى ما بعد المرحلة الرابعة من العودة.

 

تُقر الحكومة بأن ما جرى ليس مثالياً، لكنها خطوة كبيرة في نظرها في هذا القطوع بعد إعادة ما يقارب العشرين ألف مغترب الى الوطن عبر عملية خاضتها الحكومة للمرة الأولى بعد أن أتتها على حين غرّة.