الذين يأسفون مسبقا لفكرة التمديد لقائد الجيش لم يسمع احد عنهم انهم قد اسفوا للتجديد للمجلس النيابي مرتين متعاقبتين، حتى في عز الخروج على الدستور والقوانين المعمول بها، مع العلم ان التعيين متفق عليه على اساس ان يصدر عن رئيس الجمهورية، وهذا من ضمن ما ليس معمولا به الى الان حيث لا رئيس جمهورية ولا انتخابات رئاسية في الافق لعدة اعتبارات من شأنها ان يبقى الدستور محترما كأجراء عملي يفهم منه ان هناك مواقع في السلطة يجب ان تناط برئيس الجمهورية وحده.
والذين يعترضون شكلا على التمديد للعماد جان قهوجي يرون ان المناسبة تسمح له بالمزيد من مظاهر التعقيد والافتئات على الموقع الرئاسة طالما ان لا مجال لانتخاب رئيس في المستقبل المنظور، وليس لان القائد غير مؤهل باستثناء ما يقال عن ان الامور تحتاج الى ما يفهم منه ان موقع القيادة فوق اي اعتبار، خصوصا في المجال الذي يتطلب تفاهما على اعلى المستويات وليس لمجرد القول ان عملية التعيين غير مرتبطة بالموقع الاول في السلطة.
من هنا يصح القول ان من يعترض على التمديد للعماد قهوجي يسره السطو على كل ما من شأنه ان يحسب على سواه، وهذا الكلام موجه الى كل من هو في مواقع السلطتين التشريعية والتنفيذية على رغم معرفة هؤلاء ان من الضرورة بمكان الاحتفاظ لرئيس الجمهورية ببعض المراكز الادارية والعسكرية التي يفهم منها ارتباطها بالرئاسة الاولى وكي لا يقال انها في وضع مشتت كما هو حاصل في بعض المواقع الحساسة حيث لم يعد يفهم منها انها مع الدولة او مع اشخاص نافذين.
ان تقاسم السلطة بوجه غير حق يزيد الامور تعقيدا، ان لجهة من هو صاحب القرار، او لجهة من هو الذي يحاول تخطي غيره من المسؤولين وهذه الامور لم تعد خافية على احد، نتيجة التركيبات السياسية والادارية، لان المصالح الخاصة تلعب دورها في هذا المجال اضف الى ذلك ان لا مجال لتعافي الدولة في حال استمر الوضع على ما هو عليه من سلطة منهوبة ومنكوبة في آن، بدليل عدم قدرة مجلس النواب على انتخاب رئيس جمهورية او لان هناك من لا يزال منساقا وراء مصالح يفهم منها ان لا علاقة لها بالمصلحة اللبنانية العليا؟!
هذه الامور لم تعد خافية على احد، بقدر ما هي معروفة الاتجاهات والمصادر التي تزيد في تعميق الهوة جراء ما يسلب من هذا الممسؤول ويجير لمصلحة مسؤول اخر من الصعب، بل من المستحيل ان يحاكم على فعلته كي لا تتطور الامور باتجاه المزيد من السلبية جراء تحكم المختلسين لقرار الدولة، فيما تبدو الحكومة ضائعة بين من بوسعه ان يحدد خطوات الدولة وبين من يمارس »فركشة« السلطة كي يبقى نفوذه مسيطرا في مختلف المجالات وهذه التصرفات تمارس بصراحة متناهية حيث لا مجال امام احد لان يحاسب على ارتكاباته في الوقت الذي يستمر تهرؤ الدولة عن سابق تصور وتصميم؟!
وفي عودة الى موضوع قيادة الجيش فان الذين يتطلعون الى تغيير القائد فان نظرتهم الى من يخلف العماد جان قهوجي ستكون مبنية على الشأن اللاوطني، طالما ان الجنرال قهوجي يقوم بواجباته كاملة ولا يجوز ان يحاسب على اساس ما ارتكبه سواه، وهذا الارتكاب يحسب على السياسيين وحدهم خصوصا ان هؤلاء يلوحون بالاستقالة في حال لم ينجحوا في انقلابهم على قائد الجيش لان من مصلحتهم الخاصة خلق حال من التهويل في تضييع الدولة مع العلم ان دولتنا ضائعة بين من يعمل لحساب المصلحة العامة وبين من ليس بوسعه ان يفهم المصلحة العامة على حقيقتها بحسب ما هو سائد في عمل مجلس النواب؟!
ومن الان الى حين معرفة القرار النهائي بالنسبة الى مدى التمديد لقائد الجيش من خطوات الساعين الى تغييره، فان الوضع العام سيبقى قيد التساؤل الى اين يمكن الوصول بهذا الموضوع الحساس والمصيري خصوصا ان العماد قهوجي لم يتأخر يوما عن القيام بالواجب المطلوب منه وهو على رأس الجيش، من غير حاجة الى مقارنته بغيره من المسؤولين السياسيين الذين يتطلعون دوما الى ما فيه مصالحهم الخاصة.
لذا فان المشهد السياسي مرتبط من الان وصاعدا بالمجال الذي لا بد منه بالنسبة الى ما سيصدر عن وزير الدفاع سمير مقبل الذي يبدو متمسكا بقرار التمديد للعماد قهوجي وعسى ان يصدر القرار المشار اليه في اسرع وقت ممكن تلافيا لمحاذير تصرفات بعض من هم في السلطة ممن يهمهم تعيين قائد جديد للجيش من غير حاجة الى ان يكون افضل من القائد الحالي؟!