الارقام تؤكد رئيس مجلس النواب نبيه برّي كان ينوي المضي الى النهاية في جلسة التصويت على اقتراح النائب الاختصاصي في التمديد، نقولا فتوش، القاضي بتمديد عمر المجلس الحالي سنة اخرى تضاف الى السنوات الاربع الماضية، دون ان يحسب حساب لاعتراض الاحزاب الثلاثة، التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، الكتائب اللبنانية، لانه كان يعتمد على سندين اساسيين، الاول، ان هناك اكثرية نيابية «طابشة» مؤلفة من نواب تيار المستقبل، والاشتراكي، وامل، وحزب الله، والمردة، والقومي، والبعثي، وعلى النواب المستقلين دوري شمعون، نقولا فتوش، بطرس حرب، ميشال المر، نايلة تويني، دون ان يفقد الامل بانضمام النواب، نجيب ميقاتي، تمام سلام، احمد كرامي، الى قافلة النواب المستقلين المستعدين لتمديد ولايتهم، والسند الثاني الذي ظهرت طلائعه امس، حشد من مناصري هذه الاحزاب، تحت ستار المطالبة بالنسبية الكاملة، في مواجهة محازبي الاحزاب الثلاثة وانصارهم الذين يرفضون التمديد والنسبية الكاملة، وربما التحرش بهم، لاخراج تظاهرتهم عن مسارها السلمي، واضطرار القوى الامنية للتدخل.
ممارسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون صلاحياته الدستورية بتأجيل انعقاد المجلس النيابي لمدة شهر كامل وفق المادة 59، نفّست الجلسة ونفّست معها الاحتقان في الشارع، لان الذين كانوا يتظاهرون دعماً للنسبية الكاملة، لم يعد يعنيهم الامر، وانسحبوا من الشارع، وغابوا اليوم عن النظر، بانتظار انتهاء مدة الشهر.
في المعلومات المتوافرة من مصادر ذات ثقة، ان اجتماع الرئيس عون، مع الوفد الرفيع المستوى من قيادات حزب الله، لم ينته بالتفاهم بين الجانبين على موضوعين اساسيين، الاول رفض عون اعلان تأييده للنظام النسبي الكامل مبرراً بوجوب درس الموضوع درساً وافياً وبحثه مع الافرقاء الاخرين الرافضين للنسبية الكاملة، وهذا من ضمن واجبه كرئيس مسؤول عن هواجس الجميع ومطاليبهم اما الموضوع الثاني الذي اثاره وفد حزب الله، فهو «نصيحة» من الحزب لحليفهم الاستراتيجي، بفك تحالفه مع حزب القوات اللبنانية والدكتور سمير جعجع، لان الامور المشتركة بين حزب الله والتيار الوطني الحر، لم تتعقد، ولم تأخذ الشكل الاستفزازي الا بعد تفاهم معراب، واذا اردت لعهدك ان ينجح، ولا يتعرض لمصاعب وتعقيدات، فمن المفيد عدم ربط مواقف التيار بموقف القوات. وتشير المصادر الى ان الرئيس عون استمع جيداً للنصيحة دون ان يعلق بشيء، ما يجدر ذكره ان اعلاميين وناشطين سياسيين مقربين من حزب الله، كثيرا ما اشاروا في مقابلات تلفزيونية عدة، الى ان مصلحة العهد، ان لا يعتمد على مواقف الدكتور جعجع، لان استراتيجية جعجع ليست ذاتها استراتيجية التيار الوطني الحر.
* * *
في عودة سريعة لموضوع التمديد الذي توقفت مسيرته، صرح الرئيس بري تبريراً بقبوله بالتمديد، ان القبول بالتمديد كمن يتجرع السم، والفراغ هو الموت، لذلك فضلنا السم على الموت، لكن الرئيس بري، لم ينتبه الى ان من يتجرع السم سوف يموت، وهو بقبوله التمديد كمن يهرب من الموت الى الموت.
اما بالنسبة الى مشروع القانون القائم على التأهيل الاكثري، ثم على النسبية الكاملة، فهو في الحقيقة مشروع هجين لا يرضي اهل الاكثري ولا جماعة النسبية الكاملة، وقد وصف النائب وليد جنبلاط مشروع القانون هذا بانه «الغاء للشراكة» ويقصد بها الشراكة بين المسيحيين والمسلمين، وهذا موقف خطير جداً من مكون اساسي من مكونات هذا الوطن.